بقلم/ أيمن تيسير
دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
للعرب مع فلسطين مواقف وتحركات، منهم منذ احتلالها اقتصرت مواقفه على الخُطب الرنانة، ومنهم من دعمها بالمال، والبعض جعل من أراضيها محطات انطلاق لأهل فلسطين لتحرير الأرض من دنس الاحتلال الصهيوني، وهذه المواقف لا يُنكرها إلا كل لئيم، رغم أنها تقع في إطار الواجب الشرعي والديني تجاه فلسطين، كونها أرض الإسراء والمعراج، أولى القبلتين، وفيها دُفِن العشرات من كرام الصحابة والتابعين "رضوان الله ...
بقلم/ أيمن تيسير دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
للعرب مع فلسطين مواقف وتحركات، منهم منذ احتلالها اقتصرت مواقفه على الخُطب الرنانة، ومنهم من دعمها بالمال، والبعض جعل من أراضيها محطات انطلاق لأهل فلسطين لتحرير الأرض من دنس الاحتلال الصهيوني، وهذه المواقف لا يُنكرها إلا كل لئيم، رغم أنها تقع في إطار الواجب الشرعي والديني تجاه فلسطين، كونها أرض الإسراء والمعراج، أولى القبلتين، وفيها دُفِن العشرات من كرام الصحابة والتابعين "رضوان الله عليهم".
في المواقف العربية، وإن كانت المواقف الرسمية ليست على المستوى المطلوب "إلا لمن رحم الله"، فإن الشعوب وحتى وقتٍ قريب- قبل ملاحقتها من قبل العديد من الأنظمة العربية- جعلت من أموالها تصبُ لصالحِ الفلسطينيين، أملاً بأن تكون في كفة ميزانهم عند الله يوم القيامة، ولكون الواحدُ فيهم بمساهمته لتحرير "أولى القبلتين" قد نال بعض من أجر عدم القيام بالجهاد لتحريرها بالسلاح، كواجب ومهمة تقع على كاهل كل المسلمين.
منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في العام 2006م، قرر رئيس الوزراء في حينه إسماعيل هنية والعديد من وزراء حكومته القيام بجولة عربية على الزعماء والقادة والأشقاء، انطلاقاً من المسئولية العربية تُجاه فلسطين، بعضهم أكرم الضيافةَ له، وقدم الوعود الكبيرة بالدعم مادياً ومعنوياً، لكن قطر "وللتاريخ" أجزلت العطاء منذ تلك الفترات وأنشدت للوفد الزائر من أرض الرباط:
بالله تصبوا هالقهوة وزيدوها هيل
صبوها للناشاما ع ظهور الخيل
قهوتنا للأجوادي أول بادي
للي ناره وقادي في ظلام الليل
مضت السنوات تِباعاً، حوصرت غزة، وتعرضت للحروب من قبل الاحتلال الصهيوني، ومن قدم الوعود بالأمس ليته بقي صامتاً على ما يجري، بل تكشفت الحقائق، ليجد الفلسطيني أن ثمة سهمٍ وخنجرٍ قد أصابه في ظهره بينما كان جسده المُنهك يواجه الاحتلال وحيداً في ميدان المعركة، التفتَ الفلسطيني في حينها ليجد بأن ذلك السهم أطلقه زعيمٌ عربي استقبل "هنية" في العام 2006م وقدم له فنجان قهوة "الضيف"، ووجد بأن من يُمسك بالخنجر أسقاه في ذلك العام فنجان "الضيف".
وبينما رفض الفلسطيني رغم سهمٍ وخنجر أصابه في ظهره، الدفع عن نفسه، وأبقى وجهة سلاحه صوب عدوا الفلسطينيين والعرب، جاء من بعيد فارسٌ عربي أصيل، أسقى وفد غزة في ذلك العام فنجان "السيف"، وشمر عن سواعده وقرر الوقوف إلى جانب غزة، بدءا بوسائل إعلامه التي فتحت المساحات الواسعة لتغطية جرائم الاحتلال في غزة، وليس انتهاء بإنشاء الطُرق الواسعة في القطاع المُحاصر، وآلاف الشُقق السكنية، والمنح الدراسية، والمساعدات الطبية وغيرها.
تقدمت قطر فقدمت ما عليها من واجب في الوقت الذي صمت الكثير من العرب والمسلمين، أو تآمروا على غزة، ووضعوا أيديهم في يد المحتل الصهيوني، تقدمت فسجلت اسمها في التاريخ الفلسطيني وأثبتت بأنه "لا يستوي من أنفق قبل الفتح بالذي لم يُنفق" مادياً ومعنويا.
إن سألتم التاريخ فسوف يُجيبكم عن الشوارع الكبيرة التي شقتها قطر وعبدتها في قطاع غزة على امتداد آلاف الكيلو مترات، وإن سألتموه سيُخبركم عن المستشفيات والمنشآت والشقق السكنية، وإن سألتموه ستجدون في صفحات عِزه أن أمير قطر "الشيخ حمد" قرر زيارة غزة وسط الحصار، ليدعمها مادياً ومعنويا، وإن تشرفتم بمقابلة أطفال غزة فسيخبرونكم عن دور قطر في تزويد محطة الكهرباء الوحيدة أكثر من مرة بالسولار لتشغيلها، وهو السولار الذي رفضت سلطتنا الفلسطينية إعفائه من الضرائب رغم أنه وصل إلينا كـ" منحة" لإنقاذ مرضانا من الموت مع الانقطاع الطويل للكهرباء عن المستشفيات.
صحيحٌ بأن ما تقوم به قطر يأتي ضمن الواجب والمسئولية تجاه فلسطين، لكن أرى أنه من أوجب الواجبات أن نشكر قطر حكومة وأميراً وشعباً على دورهم الكبير في عون ومساعدة غزة وفلسطين مادياً ومعنويا؛ فأن تتحرك قطر بينما بات الكثير من العرب يتسابقون ليس في الصمت لجريمة قتلنا، وإنما في التآمر علينا، يصبح الشكر لقطر أقل واجب لأهل الواجب.
ثم إن قطر التي تحركت لإغاثة غزة في وقتٍ تتعرض لحصارٍ مشدد، كان من الطبيعي أن تكون معذورة في عدم التحرك تجاه غزة، خاصةً وأن من أحد أهم أسباب حصارها يتعلق بتقديمها الدعم في أوقات سابقة لها لتبقى واقفةً على أقدامها مُدافعةً عن الكرامة العربية، وعلى الرغم من ذلك فقطر قررت عدم الالتفات لحصارها والتحرك صوب غزة، دون التلذذ بمتابعة أنين مرضاها، واستغاثات فقرائها. كل الشُكر يا قطر.
Email: [email protected]
أظهر الكل ..بقلم/ أيمن تيسير
دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
في كل يومٍ كانت له حكاية بلون المعاناة، "بلا أطرافٍ" عرفته غزة يدفعُ عربته باحثاً عن لقمة عيشه لتكون يده العُليا، فقد رفض بأن تكون يده السُفلى، رغم أن الله تبارك وتعالى منحه رخصةً "لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ.."، لكنه أدرك بأنه قادر ٌعلى التقاط لقمة عيشه لنفسه ولعائلته الفقيرة من عرق جبينه.
هو إبراهيم أبو ثُريا "29 عا ...
بقلم/ أيمن تيسير دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
في كل يومٍ كانت له حكاية بلون المعاناة، "بلا أطرافٍ" عرفته غزة يدفعُ عربته باحثاً عن لقمة عيشه لتكون يده العُليا، فقد رفض بأن تكون يده السُفلى، رغم أن الله تبارك وتعالى منحه رخصةً "لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ.."، لكنه أدرك بأنه قادر ٌعلى التقاط لقمة عيشه لنفسه ولعائلته الفقيرة من عرق جبينه.
هو إبراهيم أبو ثُريا "29 عاماً"، في أيامه العادية يبحثُ عن لقمة عيشه وعائلته في شوارع غزة وأزقتها التي ضاقت بأهلها حصاراً وتضييقاً، وحينما ينادي منادي الوطن "أن يا خيل الله اركبي"، يترك العمل وينتقل إلى ساحةٍ أخرى تعرفه، وعلى الحدود الشرقية المواجهة للعدو الصهيوني يستقرُ به المطاف، الشبان يبحثون عن سواتر تقيهم قنابل غاز الاحتلال ورصاصه الغادر، أما هو فيمكثُ في أقرب نقطة من الجنود المدججين بسلاحهم، يرفعُ علم فلسطين لأعلى نقطةٍ يمكن أن يصل إليها ما تبقى من جسمه، بل وينزل عن عربته ويبدأ بالزحف على تُربةِ فلسطين الصلبةِ في تلك المنطقة.
خلال العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على غزة في العام 2008م، تصدى "إبراهيم" لقذائف الاحتلال، وحينها مزقت جسده وخطفت أطرافه السُفلى منه، لكنها لم تُفلح في نزع روحه من بين جنباته، لأن روحه بيد الله.
منذ تلك اللحظة تعالى "إبراهيم" على جراحه، وقرر رغم أنه أصبح "بنصف جسد"، أن ينقش صورةً له في أرشيف العز والمجد الفلسطيني، كان يتعاملُ على أنه يمتلك أطرافا أكثر من الأصحاء أنفسهم، وفي كل يوم يخرج مبكراً كالطيور بحثاً على لقمةِ عيشه، وكلما انتفض الشباب الفلسطيني على الاحتلال رفضاً لسياساته في القدس وأرض فلسطين، غَضِبَ "إبراهيم" وترك عمله، وبحث عن نقاط المواجهة الأشد مع قوات الاحتلال، ليستقر فيها، يغرسُ بقايا جسده في التراب ويحمل علم فلسطين بألوانه الأربعة، ويهتف بأعلى صوته في شباب فلسطين: تقدموا.. لا تخافوا، صواريخ "إسرائيل" لم تقتلني فهل ينالُ منا الرصاص.
حينما استمع "إبراهيم" لخطاب الرئيس الأمريكي "ترامب" والذي وقّع خلاله على قرار يعترف بموجبه بالقدس "عاصمة" للكيان الإسرائيلي، ترك أعماله، ولم يكترث لقدميه المبتورتين، وبشكلٍ يومي كان شُغله الشاغل مواجهة جنود وقناصة الاحتلال بسلاحهم على الحدود الشرقية من مدينة غزة، وكلما تراجع الشباب الفلسطيني الثائر أمام شدة رصاص الاحتلال وقنابله التي يُطلقها صوب شباب فلسطين، صاح بهم "إبراهيم" غاضبا: إنها القدس.. نموت ولا تموت.. إنها القدس أمانة الله لنا فلا تخذلوها.. إنها القدس لن نفعل معها كما يفعلُ العربُ والمسلمون هذه الأيام.
وفي يوم جمعته الأخير، هتف "إبراهيم" وتقدم الشباب كعادته.. نظر الأصحاءُ إلى أنفسهم فخجلوا منها، "إبراهيم" المقعد يتقدمُ الصفوف، بينما هم يبحثون عن الأمان.. انطلق الشبان بعدما هتف فيهم الفارس المُقعد، اشتبكوا مع قوات الاحتلال، قذفوهم بالحجارة، فأرهبوهم، حينها أدرك قناصٌ حاقد جاء لفلسطين من روسيا وربما من نيويورك، أدار بندقيته صوب جمجمة "إبراهيم" اعتقاداً منه بأنه سيبحثُ عن الأمان، غير أن "إبراهيم" بقي ثابتاً ولم يلتفت إلى الوراء، استقبل رصاصة ذلك الجندي، فسقط مدرجاً بدمائه، شاهداً علينا وشهيداً، وقد أعذر إلى الله أنه لم يقبل تمرير "ترامب" بحق القدس.
مضى "إبراهيم"، لكن الكثيرون حتماً سيبدؤون بعد رحيله تقليب أرشيف العزة والكرامة، لمعرفته عن قرب، وإدراك العزيمة والإرادة التي كان يمتلكها، وخلال بحثهم سيعثرون على كلماتٍ مصورة له أطلقها قبل أيام على استشهاده خلال إحدى أيام المواجهات مع الاحتلال شرق غزة رفضاً لقرار "ترامب"، سيستمعون لـ" إبراهيم" وهو يقول: "أنا متواجد على الحدود لإيصال رسالة للجيش الإسرائيلي الأرض أرضنا هنا.. لن نستسلم لقرار الرئيس الأمريكي وسنواصل الاحتجاج على الحدود".
حينها حتماً ستنحدر الدموع من عيوننا، ونبكي "إبراهيم"، بل وسيتمنى كل واحدٍ فينا لو رافقه مرةً واحدة رافضاً لتدنيس قبلتنا الأولى، لكننا رغم ذلك لن نجد أنفسنا إلا ضعافاً أمام إرادة "إبراهيم"، أما القدس فحتما سوف يجدُ الطريقُ إليها أمثال "إبراهيم"، كما عرفها صلاح الدين والفاروق عمر.
Email: [email protected]
أظهر الكل ..بقلم/ أيمن تيسير
دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
بكل تبجحٍ وأمام عدسات التلفزة جلس الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يوقعُ قراره الذي لم يسبقه إليه أحد من رؤساء بلاده بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وما سيتمخض عنه من قرار تالٍ بنقل السفارة الأمريكية إلى "عاصمة الكيان الجديدة" بناءً على قراره الذي لا يعني للفلسطينيين أو المسلمين شيئاً، فما بُني على باطل فهو باطل، والكيان الإسرائيلي لم نعترف به كي نعترف بعاصمته.
الواضح م ...
بقلم/ أيمن تيسير دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
بكل تبجحٍ وأمام عدسات التلفزة جلس الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يوقعُ قراره الذي لم يسبقه إليه أحد من رؤساء بلاده بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وما سيتمخض عنه من قرار تالٍ بنقل السفارة الأمريكية إلى "عاصمة الكيان الجديدة" بناءً على قراره الذي لا يعني للفلسطينيين أو المسلمين شيئاً، فما بُني على باطل فهو باطل، والكيان الإسرائيلي لم نعترف به كي نعترف بعاصمته.
الواضح من القرار أن الرئيس الأمريكي مهد الأرض العربية والإسلامية للقرار بشكلٍ كبير، فالحروب والانشغالات العربية هذه الأيام، وحالة الانبطاح والرضوخ للسياسات الأمريكية التي تسيطر على غالبية زعماء العرب، كانت هي الأرض التي استند إليها "ترامب" جيداً لإصدار قراره، فانتقل التعامل مع القضية الفلسطينية من وعد بلفور إلى وعد ترامب.
تعامل "ترامب" مع القدس على أنها مجرد "منتجع" سياحي بالإمكان بيعه وتسويقه، أو فندق وملعب غولف أوقعه في حرجٍ شديد، فالزعامات العربية الورقية التي صنعها على عينه لم تتمكن من منع غضبة الجماهير العربية التي نفضت عنها غُبار الذلة والهوان، وأظهرت أنفة وعزة العربي الأصيل، والمُسلم الذي لا يقبل الهوان وبخاصة حينما يُصيبُ أحد معالم عقيدته ودينه، بل إن المواطن الغربي الحُر لم يقبل أن يبقى صامتاً على عربدة الإدارة الأمريكية في المنطقة العربية.
صحيحٌ بأن الكثير من الزعامات العربية لم تجرؤ حتى على استنكار قرار "ترامب"، غير أنها كذلك لم تجرؤ على منع الجماهير التي نزلت إلى الشوارع، فمن الغباء وقوف تلك الأنظمة في وجه غضبة الجماهير، والجميع يُدرك بأن عروش الأنظمة العربية المتواطئة مع سياسات أميركا ورغم الحماية المتوفرة لها، لن تصمد كثيراً أمام غضبة الشعوب.
إن خروج هذه الملايين في شوارع البلدان العربية والفلسطينية والإسلامية والأوروبية، حتى وصلت لتحتج أمام البيت الأبيض نفسه، أثبت مجدداً بأن سياسة ترامب التي استخدمها على مدار سنوات عمره في امتلاك المنتجعات الترفيهية، والكازينوهات، والفنادق، وملاعب الغولف، والمنشآت الأخرى في جميع أنحاء العالم، وامتلاكه العلامة التجارية المعروفة، أثبت بما لا يدعُ مجالاً للشك أن نظر "ترامب" إلى الأعلى على سلم العمل السياسي، في طريقه لإسقاطه على حلبة القُدس، وهو الخبير المحنك في هزيمة الخصوم على "حلبات المصارعة".
وأمام هذا الواقع لا بُد من توضيح العديد من المسائل أمام ترامب حتى لا يُغرر به اللوبي الصهيوني الضاغط، ويجعل نهايته مثل نهاية العديد من زعماء العرب الذين انتابهم "جنون العظمة" فوق عروش العمل السياسي على حساب الشعوب العربية الأصيلة التي لا تقبل الضيم والذُل مهما كانت تعيش فصولاً من الحروب والنزاعات أدت لانتشار الأمراض والمجاعات والدماء في بلدانها.
مهلا يا ترامب، فالخيل العربية أصيلة، بإمكانها أن تشق صحراء الوجود لتبحث عن كل من أذاقها الذُل والهوان، وفرسانها أقوياء أشداء في النزال، لكنهم يختارون الزمان والمكان المناسب الذي يقتنصون فيه الفريسة.
مهلاً يا ترامب إنها القدس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالثُ الحرمين الشريفين وفي ترابها مجبولةٌ دماء آلاف الصحابة والتابعين والمجاهدين، وليس فينا من يقبل بتدنيسها مهما سالت الدماء في أجسامنا وأجسادنا.
مهلاً يا ترامب، فهذه القدس وليست مجرد منتجع أو فندق أو ملعب قولف، ابحث لك عن ملعب آخر تُمارس فيها لعبتك المفضلة، أما إن أردت تحويلها لحلبة مصارعة، فلن يجعلها المسلمون كذلك إنما سيجعلون من "بيتك الأبيض" حلية للمصارعة ولن يقبلوا أن تكون الحلبة في القدس، فاعتبر قبل فوات الأوان.
مهلاً يا ترامب، إن حال الفلسطينيين هذه الأيام يقول بأنهم سيُدافعون عن مسرى النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، حتى آخر نفسٍ منهم، وسيقفون شامخين شموخ النخل في صحاري العرب، ولن يرفعوا رايةً بيضاء أو يسلموا بالأمر الواقع وإن وقفت في مواجهتهم الإنس والجن؛ فقط لأننهم يُدركون بأنهم مستخلفين على هذه الأرض وقد اختارهم الله لهذه المهمة الشريفة، وقد أدركوا حجم وثقل الأمانة فلن يضيعوها.
مهلاً يا ترامب، ولا تحسبن تواطؤ بعض الأنظمة العربية والعديد من قادة السلطة الفلسطينية يمكن أن يمنحك وحلفائك من "اللوبي الصهيوني" حقاً في أرض فلسطين، إنما هي أرض وقف إسلامي لا يقرر فيها إلا المسلمين كلهم، ومن يفرطُ منهم أو يتآمر إنما ستدوسه أقدام الأحرار وتمضي إلى مبتغاها.
Email: [email protected]
أظهر الكل ..بقلم/ أيمن تيسير
دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
على مدار عقدٍ من الزمن وزيادة كُنا محاصرين في غزة، في كل صباح نتمنى لو أننا مثل البشر في كافة أرجاء العالم، صحيحٌ أننا عشنا على بقعة ساحلية اسمها غزة، وكذلك أخبرنا الآباء والأجداد.. أمضينا بصحبتهم الكثير من الأوقات، وخرجنا في نزهات نهاية الأسبوع حينما توفرت بعض النقود في جيوبهم بفعل ذلك الحصار، وعلى هامشها عرفنا قصة مولدنا على تُراب غزة، لكن لاحظنا أن آبائنا كلما تحدثوا معنا عن حكايا ...
بقلم/ أيمن تيسير دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
على مدار عقدٍ من الزمن وزيادة كُنا محاصرين في غزة، في كل صباح نتمنى لو أننا مثل البشر في كافة أرجاء العالم، صحيحٌ أننا عشنا على بقعة ساحلية اسمها غزة، وكذلك أخبرنا الآباء والأجداد.. أمضينا بصحبتهم الكثير من الأوقات، وخرجنا في نزهات نهاية الأسبوع حينما توفرت بعض النقود في جيوبهم بفعل ذلك الحصار، وعلى هامشها عرفنا قصة مولدنا على تُراب غزة، لكن لاحظنا أن آبائنا كلما تحدثوا معنا عن حكايا معيشتنا على هذه الأرض سيطرت التنهيدة والحسرةُ بين كل قصة وقصة، من رواية معاناة الفلسطيني الطويلة من التضييق والحرمان.
وبينما كُنا نسرح بأفكارنا في حكايا كبارنا، ونتأمل مكنوناتها، لم نكن ندرِ كثيراً معنى السفر بالطائرة، كما فعل أجدادنا حينما كان لفلسطين أول مطارات جوية في المنطقة العربية. السفر بالطائرة كان حلماً يراودنا كل صباح، فتلك أمنية كل شابٍ يتمنى معرفة تضاريس العالم، ومعالمه الطبيعية.
غير أننا في غزة ورغم أن لنا سماء ولنا بحر ولنا طرقا برية، غير أننا لم نعلم معنى السفر بالطائرة، فلا طائرات عندنا ولا مطارات، ولم نعرف كيف يقضي المسافر أوقاته حينما يسافر بالسفينة، فلنا بحر لكن لا سُفن لنا ولا ميناء، أما القطار فهو الآخر لم نره في غزة، ربما لأننا محاصرون بأسلاكٍ شائكة من قبل شقيقتنا مصر أو من قبل الاحتلال الصهيوني.
خلال أحد عشر عاماً عشنا ثلاثةً من الحروب التي شنها علينا المحتل الغاشم لأرضنا في غزة، استشهد الآلاف من جيراننا وأحبابنا، لكننا لم نستسلم ولم يسمح أبطال مقاومتنا للمحتل بالتوغل لمئات الأمتار على أرضنا، ومع انتهاء كل مواجهة خرجنا إلى الشوارع وحملنا مقاومينا الأبطال فوق أعناقنا، فقد منعوا المحتل من تدنيس تراب بلادنا، حتى وإن دفعنا ثمناً لذلك من دمائنا وأموالنا، فالكرامة عندنا لا تُقدر بثمن.
الكرامةُ تعني لنا الكثير، فنحن نُعاين على مدار الساعة الذل والهوان الذي يعيشه جيراننا العرب وتسابقهم لتقبيل أحذية المحتل رغبةً في رضاه، وهو ذات المحتل الذي مرغت غزة أنفه في التراب.
الكرامة تعني لنا الكثير، فنحن في قطاع غزة يغبطنا أهلنا في الضفة الغربية المحتلة على ما نحن فيه من أمن وأمان، فالمحتل لا يجرؤ على الوصول لبيت أحدنا في غزة، بينما في الضفة فالبيوت مُستباحة والممتلكات مُنتهكة، وفي الوقت الذي يشاء جنود الاحتلال يقتحمون البيوت ولا يعرفون حرمةً لها أو خشية من الوصول إليها.
قوات أمننا في الضفة الغربية والتي ننفق عليها من ميزانية الشعب الفقير بالآلاف كغثاء السيل، وفي جحورها تعيش كلما لاح لها من بعيد جنود العدو في مهمةٍ لإهانة أبناء شعبهم في قرانا ومدننا.
ليس الأمر هكذا، فماذا عساه الجندي أن يفعل وهو الذي تربى على خروجه رافعاً يديه "بأمر مجندة صهيونية مراهقة" ولا يرتدي على جسمه سوى قطعةً واحدة تُحيطُ بعورته المغلظة، دون أن يُطلق طلقةً واحدة. إن ذلك الجندي الذي تربى على هذه العقيدة لن يفعل أي شيء، بل إنه تفاجأ من غزة التي لا يوجد فيها إلا أعداداً قليلة من المقاومين والقليل من السلاح، ثم تسقي ذلك المحتل كأس الموت الزؤام كُلما فكر أن يطرق باب غزة.
في كل يومٍ ورغم حصار الأشقاء ومؤامرات أهل قوميتنا علينا في الغرف المظلمة، غير أننا نعيش في سعادةٍ؛ لأننا تمكنا من إهانة محتل بلادنا، ونتمنى في كل يومٍ لو أن زعماء أمتنا وقفوا في خندقنا، وهو خندق من شأنه أن يجعل للصفر قيمة كما في معادلة غزة، فما بالنا وإن كانت بلادنا فيها من الخيرات والموارد التي من شأنها أن تُعيدنا لسيادة العالم إن أحسنا استخدامها.
لقد تعرضنا في غزة على مدار هذه الأعوام الطويلة، لحروب على اختلافها، منها حرمان الطلبة من السفر، والمرضى من تلقي العلاج، والفقراء والأيتام من تلقي مخصصاتهم عبر البنوك، بل حتى وصل الحال بنا أن أصبحنا نسمع بأننا شاذون عن الطبيعة التي عليها الكثير من بلادنا العربية في هذه الأيام، وبات الخيار لنا إما أن نستجيب لإملاءاتهم أو أننا سنكون مسئولين عما يجري لنا، وكأن الذل والهوان هو المكان الطبيعي الذي يجب أن يكون من نصيب العربي الأبي.
وبينما كُنا في حالة ذهول لما يجري، خرج علينا عزام الأحمد القيادي في حركة "فتح" وأخبرنا بأن غزة في طائرة مخطوفة، يخطفها قادةٌ من حركة "حماس" منذ أحد عشر عاماً، بل ودبّ الخوف في قلوبنا حينما أخبرنا أنه في الزمن الحاضر يجوز تحرير الرهائن بقوة السلاح حتى وإن أدى تحرير الطائرة لوقوع ضحايا من المخطوفين!!.
بعد تصريح "الأحمد" الذي يقود وفد حركة "فتح" للمصالحة مع حركة "حماس"، أدركنا بأننا في غزة لا يجب أن نفكر في السفر بطائرة، فنحن على متنها منذ أحد عشر عاماً، لكن ينبغي علينا شُكر "الأحمد" أن نبهنا بأننا في رحلة جوية نرتفعُ فيها بما نتمتع به من عزة وكرامة على الكثير من الناس، فهذه رحلة لن يتمنى مغادرتها من عرف قيمتها.
أنا أدرك أن رحلة الطائرة التي تحمل أهل غزة، لن يرغب أن يكون أحد أفرادها شخص يتنقل بين حواجز الاحتلال في الضفة الغربية بعد المرور من تحت "بساطير الاحتلال" باعترافه وإقراره، ولن يتشرفُ أهل تلك الرحلة أن يكون قبطانهم من يُطالب جنوده وقواته البقاء في مقراتهم وإغلاقها عليهم بينما المستوطنون يدوسون كرامة الفلسطيني وينتهكون حرماته على مدار الساعة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ما أجملها من رحلةٍ حينما يكون الخاطفون فيها قدموا التضحيات تلو الأخرى ليعيش الشعب والوطن بحرية وكرامة، وهم الذين تجرعوا كأس الاعتقال والمطاردة والقتل والحصار، ثم هم أيضاً الذين أرغموا المحتل "الذي لا يُقهر" للإفراج عن مئات الأسرى الأبطال من بين شدق أنيابه مقابل جندي واحد، كما أنهم نقشوا في صخر الحصار الخانق فصنعوا الطائرة والصاروخ والقذيفة، ليرسموا بذلك خارطة عزٍ لطريق العرب الذين تاهت بوصلتهم حينما بات يتكلمُ فيهم أشخاصٌ صافحوا المحتل وثملوا من كأسه في الوقت الذي أعدوا لأبناء شعبهم ووطنهم السمَّ الزؤام.
Email: [email protected]
أظهر الكل ..يقول الطبيب والكيميائي الفرنسي لويس باستور:
إن أهم ثلاث كلمات في القاموس هي: العزيمة، والعمل، والصبر..
صباحكم عزيمة..
بقلم/ أيمن تيسير
دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
في قريةٍ وادعةٍ عاش بين أهلها شيخٌ داعيةٌ معروف بين الناس بعلمه وتقواه وورعه وصلاحه، أحبه الناس كثيراً، وعلى أحرِ من الجمر كانوا ينتظرون محاضراته وينتقلون لها من مسجد لآخر، ففي كل مرة كانت أعداد المتابعين لمحاضراته التي كان يعقدها في المساجد والمقاهي وغيرها تزداد، ومع كل محاضرة باتت أعداد الأتباع والمُريدين تتسع باستمرار، فأسلوبه القصصي والفُكاهي وخفة ظله، جعلت الكثير من أفئدة الناس ...
بقلم/ أيمن تيسير دلول
كاتب وإعلامي فلسطيني
في قريةٍ وادعةٍ عاش بين أهلها شيخٌ داعيةٌ معروف بين الناس بعلمه وتقواه وورعه وصلاحه، أحبه الناس كثيراً، وعلى أحرِ من الجمر كانوا ينتظرون محاضراته وينتقلون لها من مسجد لآخر، ففي كل مرة كانت أعداد المتابعين لمحاضراته التي كان يعقدها في المساجد والمقاهي وغيرها تزداد، ومع كل محاضرة باتت أعداد الأتباع والمُريدين تتسع باستمرار، فأسلوبه القصصي والفُكاهي وخفة ظله، جعلت الكثير من أفئدة الناس تهفو إليه، ومع مرور الوقت ذاع صيته بين الناس، وباتت دعوات استضافته في القرى المجاورة تتطاير عليه باستمرار.
ورغم محبته من الناس، إلا أن الله ابتلى الشيخ "مرزوق" بزوجة دنيئة المعشر، كثيرة الشكوى والتذمر، كافرةٌ للعشير، وكما ذاع صيتُ الشيخ "مرزوق" بين الناس بصلاحه، فقد ذاع كذلك صيتُ الزوجة من خلال حديث جاراتها عنها واختلاطهم بها، ولما علم رجال الحي بمعاناة ذلك الشيخ مع زوجته وعدم مقدرته على إصلاح أحوالها، رغم أنه تمكن من إصلاح العشرات منهم مع زوجاتهم، نصحوه بضرورة تطليقها والبحث عن زوجة غيرها تليق بمكانته وسمعته بين الناس، بل إن بعضهم عرض بناته عليه للزواج، فهو نعم من يكون زوجاً لفتياتهم.
رفض الشيخ "مرزوق" نصيحة المُحيطين به، وكان قراره الصبرُ على أذاها، معتبراً أن تصرفاتها كانت بمثابة بلاء أرسله الله إليه ليصبر عليه، وتكون عاقبته جنة عرضها السماوات والأرض.
ورغم ما وجد الشيخ من زوجته، إلا أن اليأس لم يدبُ في قلبه من محاولة إصلاحها، وخطرت في عقله فكرة تتمثل في اصطحاب زوجته معه ذات يومٍ إلى إحدى المحاضرات التي يعقدها للناس ويحضرها المئات منهم، وحينما تستمع لمحاضرته وأسلوب خطابه للناس، وإقبالهم على حديثه، ومصافحته والابتسام في وجهه بعد الانتهاء من محاضرته، وطلب عقدها في أماكن أخرى، فمن شأن هذا المشهد تليين فؤادها وتحسين علاقتها مع زوجها المحبوب من الناس، والذي تتمناه أي فتاة من فتيات الحي كشريكٍ لها في حياتها.
وذات مساء، أقنع الشيخ "مرزوق" زوجته بعد طول إلحاح بمرافقته لحضور تلك المحاضرة، وما إن دخل كلاهما القاعة المخصصة لتلك المحاضرة، حتى أقبل الناس مُصافحين للشيخ، وتهللت أساريرهم بقدومه، وعلا صوتهم ترحيباً به وتوقيرا. جلس الشيخ وبدأ يتحدث، ويختطف نظره بين الفينة والأخرى إلى زوجته فيجدها شديدة الصمت والهدوء، وكلما وقعت عينه في عينها هزت رأسها، وشهقت وزفرت.
وكالعادة انتهت المحاضرة دون مللٍ من الحاضرين، فأقسم القائمون على المحاضرة من الشيخ "مرزوق" ومن يرافقه بألا يغادرون المكان دون تناول طعام الغداء، وقد أعدوا وليمة كبيرة تكفل بها مختار الحي، وهو تصرف دفع الشيخ لأن يهز رأسه، ويُدرك أن هذه المحبة والاحترام الذي أظهره الناس له في ذلك اليوم لن يدفع زوجته إلا أن تتمسك به بكل ما أوتيت من قوة وغيرة.
ركب الشيخ سيارته وركبت زوجته في جواره، وبعد أن أدار محرك سيارته سأل زوجته وكله ثقة بأنها غيرت موقفها منه، وقال لها:
ما رأيك في المحاضرة وما سمعتِ فيها؟
هزت رأسها واندفعت قائلة:
لقد كان كل الحاضرين مؤدبين يصمتون ولا يتكلمون، إلا أنت كنت عديم الأدب وكثير الكلام... فأسقط في يد الرجل وأدرك أن زوجته لن تُصلحها أي وسيلة من وسائل البشر.
سيطرت حالة من الصمت على الشيخ "مرزوق" بعد كلمات زوجته الصادمة، وبحكم القراءة والثقافة الواسعة التي يتمتع بها، تذكر كلمات المستشرق الفرنسي "إتيان ري" حيث يقول: (المرأة لم تُخلق لتكون محط إعجاب الرجال جميعاً، بل لتكون مصدراً لسعادة رجل واحد)، ليدرك بأن كلمات ذلك المستشرق لم تُفلح في استمالةِ قلب زوجته نحوه، وبشهادة أهلها وجيرانها وكل من عرفها.
ودون أن ينطق الشيخ "مرزوق" بأي كلمة داخل بيته، وذهب إلى فراشه، وأخذ يبحث في صفحات عقله العديد من الخيارات والحلول التي تساعده في تجاوز محطات الحياة المختلفة برفقة شريكة حياة، تتبادله المشاعر والآراء، وتُحوِل بيته من جحيم لا يُطاق إلى جنة وارفة الظلال، ليكون قراراه الأول بعد ليلةٍ من التفكير العميق محصوراً في الافتراق عنها وتطليقها، وهو قرارٌ تجاوزه أكثر من مرة ورفض العمل به بناء على نصيحة كل من عرف مشكلته.
في ذلك الصباح، وجد أقدامه تستحثُ الخُطى إلى المحكمة الشرعية، وفيها طلق زوجته دون أن ترمش له عين، وهاتفها لمغادرة بيته إلى بيت أهلها، أما هو فلم تمضِ أيام على مغادرته ذلك المربع، ليدخل في قفص تمنى أن لو هداه الله إليه قبل تجربةٍ جعلته يكره الارتباط بأي أنثى، خشية أن تكون كتلك التي ارتبط بها لخمسة أعوام.
Email: [email protected]
أظهر الكل .." الثائرُ لأجل مجتمعٍ جاهلٍ، هو شخص أشعل النيران بجسده كي يضئ الطريق لشخصٍ ضرير"..
كلمات معانيها كبيرة لقائلها محمد رشيد رضا
يا مَن توهم أني لستُ أذكرهُ ** واللهُ يعلم أني لستُ أنساهُ
إن غابَ عني فالروحُ مَسكنهُ ** مَن يسكنُ الروح كيف القلبُ ينساهُ؟
" الخروج من #القدس مسموح. بل مسموح جداً، وفي كل الأوقات، وإلا فكيف يتم تهويدها وإخلاؤها من سكانها العرب؟"..
" منذ ضياع فلسطين لم تعد لدينا حديقة للورد الخالص، إنها الغصة في كل بهجة، والأفعى في كل الشقوق"..