لم أتعلم الكثير خلال العقود القليلة التي عشتها. جلّ ما تعلمته كان من الكتب، و البقية الأخرى كانت من ثمار التجارب المريرة التي مررت بها. حاولت أن أهوّن على نفسي، انشغلت حتى فقدت وعيي، تخليّت بعد مقاومة باسلة عن درعي و حاولت الحديث عن شتى الأمور التي أرّقتني، مع الخاصة و العامة، مع المختص و غير المختّص، مع المهتم فعلا و مع الفضولي الذي ينتظر زلاّتي، مع الصديق المحبب و القريب اللامبال... حاولت أن أتبع بصيرتي و أغمض عيني عسى أن أهتدي، انعزلت حتّى طابت نفسي للوحدة و غاص قلبي في محيط متجمد، صادقت ا ...
لم أتعلم الكثير خلال العقود القليلة التي عشتها. جلّ ما تعلمته كان من الكتب، و البقية الأخرى كانت من ثمار التجارب المريرة التي مررت بها. حاولت أن أهوّن على نفسي، انشغلت حتى فقدت وعيي، تخليّت بعد مقاومة باسلة عن درعي و حاولت الحديث عن شتى الأمور التي أرّقتني، مع الخاصة و العامة، مع المختص و غير المختّص، مع المهتم فعلا و مع الفضولي الذي ينتظر زلاّتي، مع الصديق المحبب و القريب اللامبال... حاولت أن أتبع بصيرتي و أغمض عيني عسى أن أهتدي، انعزلت حتّى طابت نفسي للوحدة و غاص قلبي في محيط متجمد، صادقت الكثيرين، هجرت البعض طوعا و هجرني الكثير منهم، كلما وطأت قدمهم كهفي الحالك. أصبحت أخشى الفقد، و من شدة خشيتي أصبحت لي عادة غريبة، كلما اقتربت من أحدهم، أيا كان الا و وجدتني بعد فترة، أسابيع ربما و أحيانا سنوات، أهرب مجددا لأختفي في ضباب مغر. تطّورت موهبة الهروب بمرور السنوات حتى أصبحت أمرا، أكاد أفتخر به. كلّ ما في الأمر أنني أستبق الطامة بطامة أكبر منها. اهرب قبل أن يهربوا منك، تحيّن اللحظة المناسبة لتحلّق بعيدا نحو أرض ستلفظك. لا أعلم إلى حدّ اللحظة ما الجدوى من كلّ هذا اذا كان الكلّ إلى زوال. الهاجر و المهجور، الطيب و الشرير، القط و الفأر.. كيف السبيل إلى الحياة دون التعلّق بالحياة؟ كيف السبيل إلى تقبّل الموت دون الهلع ممّا سيعقبه؟ رهاب الفقد، فقدان الاخر، فقدان الذات، الرحيل المباغت، كلمات أصبحت مرادفة لنفسي، مازلت أتساءل كيف للسنوات أن تمّر بلا فائدة، و أن يسقط الزمن في هوّة بلا قاع، حتّى تصبح حياتك مجرّد حدث عارض في تاريخ الكون،و تكفّ أخيرا عن الدوران حول نفسك بمجرّد تفكيرك بأنّك وحدك الممثل و الجمهور. اكتشفت أمرا مؤخرا، ربما متأخرة بعض الشيء. اكتشفت أنّ من الأفضل تقبّل الأمور و كأنها كانت تصديقا لإرادتك، لا اختبارا فاشلا قد خضته بلا خطّة مسبقة. التخلي عن الأسباب التي تشدّنا للحياة هو حلّ بائس، استسلامي و هذا ما عايشته و تحمّلت عواقبه طويلا. ربّما من الأفضل التشبث بالأشياء الزائلة أكثر فأكثر، حتى تزول نهائيا. كنت أستغرب ممّن يعيشون اللحظة، كما يقال. كنت أظنهم حمقى، يهدرون طاقتهم في محاولات بائسة لتجميد الزمن و تمطيط الثواني. ربما من الأفضل أن نتعامل مع الزمن كمادة ليّنة طيّعة، لكي نشعر بالامتننان، أن نعتبر كلّ لقاء، فرصة أخيرة ووداعا لائقا، لتصبح الحياة سلسلة من الوداعات اللطيفة و اللحظات الدافئة التي لم يحظ بها غيرك. كلّ كائن على هذه الأرض وجد ليكون سببا في شقاء البعض و سببا في سعادة البعض الاخر، تلك هي المعادلة، و المعادلة الأصح، أننا سبب شقاء و بقاء للكثيرين من حولنا و لهذا ابتلينا ببعضنا البعض، "و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا" (البقرة 251)... ما فهمته من كل ما حصل و يحصل لي بعد كرّ و فرّ دام لسنوات، أنّ الحياة ليست بالتعاسة التي تصورتها عندما سوّلت لي نفسي وضع حدّ لها، و ليست بتلك السعادة التي تمنيّت تخليدها، الحياة، بعلاقاتها المزعجة، بأناسها المفارقين، بفرصها الضائعة، بأنّاتها المكتومة، بربيعها الفاّر و خريفها المباغت، رحلة مثيرة، شاّقة، مقرفة أحيانا، لكنّها وجدت لسبب ما، لسبب أحاول كشفه عبثا، أعلمه و لم أوت من العلم و الفصاحة و الحصافة ما يجعلني أعبّر عنه على أحسن وجه. عسى أن تكون السنوات القادمة امتحانا يستحق خوض غماره...
اسلام
14/02/2020
أظهر الكل ..هل كان الأمر مجرّد صدفة عابرة أم كان أمرا محتّما و قدرا مسطورا منذ الأزل؟
أعيد طرح السؤال على نفسي محاولة التخفيف من هول الإجابة المحتملة، الإجابة التي قد ينشطر لإيجادها قلبي و ينفطر لها نياطه الضعيف. أتمنى أن تكون صدفة، مجرّد صدفة، مجرّد حادث عرضي جعل من طرقاتنا تتقاطع ذات يوم دون أن تتلامس لنعود بعد ذلك إلى مسارنا الأول بعد أن انعرجنا و اقتربنا و كادت مصائرنا أن تتشابك لولا صحوة مباغتة أيقظتنا كصاعقة..
لو كان قدرا، فلا مفرّ منه و لو افترشت الأرض إيذانا بمرورنا ملايين الأشواك و ...
هل كان الأمر مجرّد صدفة عابرة أم كان أمرا محتّما و قدرا مسطورا منذ الأزل؟
أعيد طرح السؤال على نفسي محاولة التخفيف من هول الإجابة المحتملة، الإجابة التي قد ينشطر لإيجادها قلبي و ينفطر لها نياطه الضعيف. أتمنى أن تكون صدفة، مجرّد صدفة، مجرّد حادث عرضي جعل من طرقاتنا تتقاطع ذات يوم دون أن تتلامس لنعود بعد ذلك إلى مسارنا الأول بعد أن انعرجنا و اقتربنا و كادت مصائرنا أن تتشابك لولا صحوة مباغتة أيقظتنا كصاعقة..
لو كان قدرا، فلا مفرّ منه و لو افترشت الأرض إيذانا بمرورنا ملايين الأشواك و اكتسى سطحها بشظايا بلور حادة، لا مفرّ من الدوس عليها و لا ملاذ منها إلاّ بالمشي فوقها و بتكبدّ وخز الشوك و نتوء الزجاج. سيكون الأمر قاسيا و سأفقد الكثير من الدماء و الكثير من الزمن المهدور عبثا. لكنّ الأمر في حلمي سيكون شبيها بالمشي على الماء بخفّ قطني أو بتحليقي كنحلة متفانية تراقص إكليل الجبل. قدر عسير ستلتئم جراحه لتبقى ندوبه كوشم محبّب ، كتهويدة دافئة أرددها كلمّا استنزفتني المسافات أو غمرتني رياح الشمال..
في الحالتين، سأكتفي بصورة رسمتها في مخيلّتي كزهرة فتيّة تعهّدتها بالسقي و بالمؤانسة كي لا تذبل. سأردد كلمات غير متناسقة و أعيد تركيب التعابير علنّي أظفر بإجابة تشفي الغليل أو بسؤال يشرّع أمام ترددي بوابة الاحتمالات. سألاحق الكلمات و سأنظم بعضها في قصيدة هجينة و قد أتوسّل أناملي كي تجد لها نوتات موسيقيّة تليق بغموضها. سأتخطّى المفاهيم المتعاهد عليها و لن أعتبر الأمر أكثر من تجلّ للحياة في أبهى حللها و أرقاها. سأردد في سرّي كل فجر و مع كل نسمة تسري، " سأجدك حتما في حروفك كلما تهت أو تباعدت دروبنا و شرّدتنا. بوركت أمكنة أنت آت منها و عائد إليها، بوركت الأقلام التي تخّط بها و الأوراق التي تستبيح بياضها لتكتبنا متحديّا نواميس الكون، لتجعل من الزمن طينا طيّعا ليّنا و لتعيد تشكيل خارطة العالم من حولك، و تعيد إحياء العالم داخلنا.
اسلام
07/06/2019
أظهر الكل ..حضور كثيف يختزل المعنى. حضور كثيف يشعرني بأن حياتي قد تسرّبت منّي و بأنّ عالمي مجرّد علبة كرتونيّة فارغة.حضور غريب يتملّك الروح و يمتّص سرّها الحصين حدّ الثمالة.حضور غريب يعتري الجوّ و ينشر ذرّاته اللامرئيّة لتنصهر مع المكان و لتتوحد مع الهواء الذي أتنفسه و الهراء الذي أنفثه. حضور دائم يقتحم عزلتي بلا استئذان و ينتقي مقعدا في الجوار. أحيانا،يبتسم ابتسامة عريضة باردة و أحيانا أخرى يتماهى مع العالم حدّ الاختفاء. حضور طاغ يجتاح أميال الغياب و يذيب المسافات متجاوزا مراكب البحر، و أسراب الطيور الم ...
حضور كثيف يختزل المعنى. حضور كثيف يشعرني بأن حياتي قد تسرّبت منّي و بأنّ عالمي مجرّد علبة كرتونيّة فارغة.حضور غريب يتملّك الروح و يمتّص سرّها الحصين حدّ الثمالة.حضور غريب يعتري الجوّ و ينشر ذرّاته اللامرئيّة لتنصهر مع المكان و لتتوحد مع الهواء الذي أتنفسه و الهراء الذي أنفثه. حضور دائم يقتحم عزلتي بلا استئذان و ينتقي مقعدا في الجوار. أحيانا،يبتسم ابتسامة عريضة باردة و أحيانا أخرى يتماهى مع العالم حدّ الاختفاء. حضور طاغ يجتاح أميال الغياب و يذيب المسافات متجاوزا مراكب البحر، و أسراب الطيور المهاجرة. حضور محتّم، يلازم تفاصيل يومي و يجعلني أبتسم كحمقاء في وجه المارّة و أعيد استحضار عباراته العابقة برائحة الخزام. و أرددها كتراتيل يوميّة أتلوها أعقاب الليل و أطراف النهار، كتعويذة لطرد الوجوه المتشابهة و التعابير الجوفاء. حضور مؤرق و لذيذ، لا أعلم إلى متى سيرافقني و سيجعلني أهذي كمن تلبّسته روح مؤذية أو نفر من الجنّ و استوطنت روحه استيطانا غاشما...
إسلام
23/04/2019
أظهر الكل ..أصبحت نهمة أنا الأخرى، نهمة البصر... أقلّب وجهي في السماء بكل حمق و أتبع كل سحابة عابرة..
أجيل بصري بين غيمة و غيمة و أتخيل نفسي على مقربة منها أو ربما متوسدة إياها دون أن أخضع لقانون الجاذبية الذي ينتفي كلما ابتعدت عن سطح الأرض و عن قرف بعض المعمرين لها.
ألمحني على متن سحابة بيضاء فاتنة قد تكون بملمس القطن أو المشمش أو الحرير..لا يهم
الأهم أنني لم أفقد توازني بعد و أنا فوق السحابة أو داخلها..بين سحب صديقة تمر أحيانا لتلقي التحية و أحيانا أخرى لتتمازج مع سحابتي الصغيرة بكل م ...
أصبحت نهمة أنا الأخرى، نهمة البصر... أقلّب وجهي في السماء بكل حمق و أتبع كل سحابة عابرة..
أجيل بصري بين غيمة و غيمة و أتخيل نفسي على مقربة منها أو ربما متوسدة إياها دون أن أخضع لقانون الجاذبية الذي ينتفي كلما ابتعدت عن سطح الأرض و عن قرف بعض المعمرين لها.
ألمحني على متن سحابة بيضاء فاتنة قد تكون بملمس القطن أو المشمش أو الحرير..لا يهم
الأهم أنني لم أفقد توازني بعد و أنا فوق السحابة أو داخلها..بين سحب صديقة تمر أحيانا لتلقي التحية و أحيانا أخرى لتتمازج مع سحابتي الصغيرة بكل محبة.
الزرقة هنا غريبة و غامضة لا تشبه ذلك اللون المألوف الذي يصطبغ بلونه المدى
لون شفاف تتفاوت درجاته و تختلط..
الهواء هنا بلا نكهة، لكنه يبدو لطيفا و ناعما هو الاخر
خلت لوهلة أنني سألفظ أنفاسي كلّما صعّدت روحي إلى السماء أكثر..جسدي هو الآخر أصبح بلا وزن أو كاد..لا أدري هل عرّجت إلى السماء الأولى بجسدي أم بروحي، لا أعلم حقا..لا أتذكر فليس لي براق ليحملني إلى أقاصي الكون و الخيال فلست قديسة لأبلغ تلك المنزلة من التشريف الإلاهي.
أنا مجرد حالمة تنتظر حافلة لن تأتي أصبحت هي الأخرى صديقة للسحب العابرة، تستطيب السفر بينها و على متنها و ربما قد تنصهر ذات يوم فيها لتصير سحابة غضّة كثيفة تطّل على الكون و ترتوي من نظرات المارة...سحابة بيضاء نضرة لطيفة في ربيع دافئ لتزين هذا الفضاء الفسيح..
لا أنكر أنني لا أحب كل السحب..فلي أيضا سحبي و لكم سحبكم
لا أحب السحب و الغيوم الرمادية و السوداء و لا الأيام الممطرة التي تستحيل فيها صفحة السماء حلبة صراع و تنازع بين القوى الكونية الغاضبة..
في المقابل، أفضل السحب البيضاء المسالمة البرّاقة التي تمضي في طريقها بلا زمجرة أو حنق
و أقرب السحب إلى قلبي تلك التي تستحي خجلا إذا ما أوشكت الشمس على الرحيل غروبا
فتحمّر و تخجل و تكتسي سحنة بنفسجية أو أرجوانيّة مذهلة
سحب دافئة تتقارب و تتباعد في دلال في لوحة فنية انطباعية ساحرة لن تضاهيها لوحات كلود مونيه و أكثر الرسامين حنكة و قدرة على مزج الألوان
لوحة فنيّة عصيّة التقليد..سحبي تلك هي الأجمل..هي التي كثيرا ما ضعفت أمام سحرها..سحب جعلتني مرارا أعيد التفكير في كمال الحلق و تجعلني في كل مرة أحلم بملامستها و بالغرق داخلها...لعلني أبعث سحابة إذا ما قدّر لي ذات حظ، اختيار قدري..
أظهر الكل .."العروبة"، و ''عرب'' و ''عربي'' عبارات تسعفنا اذا ما كان السياق تمجيدا للتاريخ و للحضارة العربية التي طوتها السنون و قرون الحداثة بعد أن تآكلت جل الأدمغة و تجمدت الاجتهادات و أصبحنا نسابق الأمم علنا نصل، و لم نصل..الا للحروب و الفتن و القيل و القال..
نحتفل أحيانا باللغة العربية و نضخم عبارة عروبة تضخيمنا للأحداث العابرة. عروبة، أصالة، انتماء جغرافي و حضاري و ديني و ايديولوجي مشترك مع من يطيب لنا نعتهم بالدول العربية الشقيقة و الصديقة..
يطيب لنا أيض ...
"العروبة"، و ''عرب'' و ''عربي'' عبارات تسعفنا اذا ما كان السياق تمجيدا للتاريخ و للحضارة العربية التي طوتها السنون و قرون الحداثة بعد أن تآكلت جل الأدمغة و تجمدت الاجتهادات و أصبحنا نسابق الأمم علنا نصل، و لم نصل..الا للحروب و الفتن و القيل و القال..
نحتفل أحيانا باللغة العربية و نضخم عبارة عروبة تضخيمنا للأحداث العابرة. عروبة، أصالة، انتماء جغرافي و حضاري و ديني و ايديولوجي مشترك مع من يطيب لنا نعتهم بالدول العربية الشقيقة و الصديقة..
يطيب لنا أيضا لاننا عرب جدا و نحب العرب و العروبة، أن ننعت ابناء وطننا ممن تأثروا بلغة المستعمر و بحضارته " بالمتفرنسين" بالحداثيين"، بأيتام فرنسا، الفرنكوفونيين و غيرها من الألفاظ التي يتبجح الكثيرون بترديدها على من خالف هواه و عراقة تشبثه بانتمائه..هؤلاء، ينعتونهم بالمتفرنسين، بالمتاثربن ايديولوجيا. لغويا بحضارات الغرب، غرباء هم بين '' التونسيين العرب جدا، و كأنهم ولدوا و عاشوا و أينعوا في أرض غير هذه الأرض! منسوب انتمائهم منخفض و لا عروبة تغلي في دمائهم التشرينية ..لا يمتون الى تونس المسلمة العربية بصلة..في محاولات دائمة لربط العروبة بالاسلام، الدين باللغة، في تجاهل تام لاختلاف السياق.. و ينسون ان الله للكل و أن تونس للجميع باختلاف السنتهم و انتماءاتهم و منبتهم ... حسنا، اذا ما اتبعنا منطق التونسي العربي جدّا، فهل تراه يعلي من شأن أخيه التونسي العربي الأصيل الذي لم تتسرب الى شريانه نفحات الحداثة و ايتيكات و أفكار الغرب؟؟؟
العرب و العروبة و الجامعة العربية و الوحدة العربية و بقية المصطلحات الفضفاضة التي فقدت كنهها..هل مازالت تعني شيئا حقا؟؟
حسنا، فلنفترض انها مازالت تقاوم من أجل البقاء رغم المد الغربي و تفريغ العبارات من معانيها..ان كان البعض مازال مؤمنا بهذه الكلمات، فلماذا نصف في بلدنا كل ما لم يرتقي الى معاييرنا العنصرية ب "عربي" ؟؟؟
اللغة العربية في حد ذاتها ظلمت غير العرب بوصفهم بالعجم.. و الباحث في المعنى الاصلي للكلمة قبل الاسلام و قبل المعاجم المصاغة بعد نزول القرآن الكريم، سيفهم المقصد من عبارة "عجم".. و كيف تطورت العبارة لتصف الشخص الذي لا ينطق العربية.. العنصرية، توارثها العرب قبل الغرب و لئن نبذها الاسلام..و اليوم، في بلدنا، مازلنا ننتهج نفس المنهج عكسيا هذه المرة.. و هنا، لا اتحدث سوى عن بعض الأشخاص الذين يفتخرون بانتمائهم العربي الاسلامي من جهةو من جهة أخرى، يقللون من شأن أصيلي بعض المناطق بوصفهم ب "عرب"..
اذا لم تعش في المدينة او لم تنحدر منها و كنت أصيلا لمناطق ريفية و لم تكن لك من مقومات الجمال و البهاء و كنت اسمر البشرة، داكن العيون و الشعر و لم تكن ترتدي ما يرتدون، و تنطق القاف خلافا لما ينطقون يصفونك ب" عربي" ...
عبارة عربي، لم تعد مرادفة للدونية فقط في الغرب، نحن أيضا انجرفنا مع المد فلم تسلم حتى الكائنات الاخرى من هذا الوصف اذا لم تكن اصيلة الانتماء، ملونة العيون، ذات اصل و فصل اجنبي..فاذا لن يكن الكلب او القط من سلالة معينة فهو "عربي" ايضا بكل بساطة..كلب عربي، قطوس عربي، و غيرهم..لانهم بلا قيمة تذكر حسب البعض و لا يمكن لاصحابهم التباهي بهم على صفحات الانستغرام و التقاط السلفيات معهم.. و لانهم لا يملكون بعض المواصفات العرقيّة السامية، فهم عرب و ان لم ينطقوا العربية، بل حتى و ان لم ينطقوا من الأساس..
و الحال انك، اذا كنت سائحا تونسيا في تونس..تونس العربية طبعا..فانك لن تعامل كسائح اجنبي، فلا يصح لك ان تحلم بذات المعاملة و التبجيل و لئن دفعت اكثر منه مالا..المعاملة الجيدة و الراقية لا تليق بنا، فنحن عرب في الظاهر، دون العجم في المعاملات..نحن عرب دون العجم في بلدنا، و أكثر عروبة في أرض العجم من العرب العاربة..
هكذا الكثيرون، يقولون ما لا يفعلون. يتفاخرون بانتمائهم العربي الأصيل، و في قلوبهم حمية الجاهلية و عنصريّة النازيين، يتكلمون العربية و ينعتون غير الحضري بال''عربي'' بالراء الساكنة، يحنقون على من خالفهم من العجم و البربر، و من كانوا أقل مقاما من سلطانهم الأعظم.. ننتقي من القيم ما نشاء، و نصنف الناس كما نشاء، ندعي الانفتاح و قبول الغير و اذا ما تهددت بعض المصالح الماديّة أو السلطويّة أو ال''مظهريّة'' الجالبة للثناء و المفخرة في جلسات النساء و ثرثرة الرجال في المقاهي، نعود لوهم العروبة و الأصالة و الانتماء.. عيبنا الأكبر أننا لم نتصالح مع لغتنا، مع انتمائنا، مع من خالفونا و أننا نصر على الدفاع على بعض المفاهيم و و نتبجح في ترديدها و تلقينها لأطفالنا و الكثير من أفعالنا تقول عكس ذلك..نحن ''عرب'' لا نتعّظ من العبر، نحن مسلمون، نثور مع الثائرين و نخوض مع الخائضين، و قلّما نتدبّر قبل أن ننطق، نحن"مسلمون"، و لا يسلم اخوتنا من أيدينا و ألسنتنا، نحن ''عرب'' نصطّف مع ''العربي'' في الدول ال''العربيّة''، و ننظر بدونيّة الى من اعتادت الأجيال السابقة على تسميته ب''عربي'' بالراء الساكنة و لا ترتضي بعض العائلات ال''عربية'' المتجذرة العروبة مصاهرته في الكثير من الأحيان...
نحن، أو هم أو أنا و الكثيرون، نحتاج الى ثورة مفاهميّة سيكولوجيّة، لنكون أكثر صراحة مع أنفسنا، و لتكون سريرتنا، أفكارنا، و أقوالنا أكثر تناسقا و انسجاما مع أفعالنا...
اسلام
9-08-2018
أظهر الكل ..الكتابة هي الأخرى أصبحت مضجرة على هذا الشاطىء..رأسي أصبح مجرد
جمجمة تعبرها الرياح الدافئة و العاصفة و اللزجة أيضا.. ..مزيج من
الهواء و الملل و البرد و الروائح المتعفنة تعبق بين الحين و الاخر
بعد أن سكنت الأشغال البلدية الى الراحة أياما و نسيت أو تناست تنظيف
المكان من أطلال الأسبوع المنقضي....
المكان هادئ على خلاف العادة هذا اليوم..في حديقة شبه قاحلة قريبة، تتردد لي أصداء أغنية أجنبية رائجة و كأن الصوت يتأرجح هو الاخر مع الصبية العابثين هناك...البحر أيضا رتيب الأمواج هذا اليوم..مريح ...
الكتابة هي الأخرى أصبحت مضجرة على هذا الشاطىء..رأسي أصبح مجرد جمجمة تعبرها الرياح الدافئة و العاصفة و اللزجة أيضا.. ..مزيج من الهواء و الملل و البرد و الروائح المتعفنة تعبق بين الحين و الاخر بعد أن سكنت الأشغال البلدية الى الراحة أياما و نسيت أو تناست تنظيف المكان من أطلال الأسبوع المنقضي....
المكان هادئ على خلاف العادة هذا اليوم..في حديقة شبه قاحلة قريبة، تتردد لي أصداء أغنية أجنبية رائجة و كأن الصوت يتأرجح هو الاخر مع الصبية العابثين هناك...البحر أيضا رتيب الأمواج هذا اليوم..مريح و مزعج في الان نفسه لولا انعكاس الشمس على سطحه المرتبك لانصرفت عن تأمله الى تأمل المارة و المباني القديمة المحيطة بالمكان..
البحر هكذا غالب الوقت و في كامل الفصول، لا يتغير لونه و لا رائحته المغرية ..بحر راكد تقريبا منخفض تتسلى فيه الأسماك الصغيرة أفواجا لتقتات على الفتات..متنفس لا يصلح لشيء مفيد سوى التسكع و المشي ،و للتأمل لمن حالفه الحظ و خلى المكان من الضوضاء ..لا شيء يستهويني للكتابة على هذا المقعد البالي سوى الفراغ..المكان لا يتغير كحاضري، منذ طفولتي لم يتغير شيء هنا..منذ أن كانت أمي تصطحبني اخر الأسبوع كي أرى الأطفال في اندهاش و كأنني أرى كائنات فضائية..يلعبون و يضحكون و يتزحلقون طوال أيام السنة..في الوقت الذي كنت فيه لا أفارق أمي و لا تتركني يدها..لأنّ جلّ من سهروا على تربيتي كانوا يخافون من كل شيء، من الطقس، من الشمس، من النسيم، من الأطفال، من الركض، من الحيوانات، من تركي بلا قيود بين براثن الحياة و الأخرين، فلا يستأمنون القدر و لا الناس على سلامتي ..كل تلك المشاهد مازلات عالقة في ذهني تطفو على سطح المياه و تختفي كلما جئت الى هذا المكان..الذي لم يتغير كما تغيرت و لم يتجّمل كما تجملت كل يوم و سابقت ظليّ في هذا المكان علنّي أتناسى تلك الأيام البائسة..لكن المياه لم تتغير..كجاضري القريب و البعيد و هذا الصباح الممتد الى حدود العصر..
نفس التموجات الهادئة، نفس البقايا الملقاة على الحواف، نفس الطحالب الخضراء و نفس الغابات الصغيرة التي لا تنمو تحت الماء و لا يتغير لونها ..نفس الفئران الضخمة المراوغة بين الصخور ..نفس النوارس المحلقة في دوران أنيق ..نفس كلّ شيء..كحاضري الذي يحتضر و زمني الراكد، كعيوني الذابلة و هالاتي المتفشية أسفل خدي، كالشعيرات البيضاء التي غزت خصلات شعري منذ سنوات و لم تفلح الأصباغ في اخفائها، و كأنها تستميت في تذكيري بأن العمر ينضب مهما حاولت حبسه و تجميده..نفس الأحلام المنسوجة من الثرثرة و الزبد..نفس اللاشيء الذي يختصر كل شيء في حياتي..
في طريقي الى هذا المكان باحثة عن القليل من السكينة و العزلة و للاستماع الى هذه الأصوات داخل رأسي لعلها تتمخض عن سطور جيدة، اعترضت طريقي مجهولة لم ألتقيها يوما و لا أذكر أنني رأيتها أو انتبهت الى وجودها حولي.. من عادتي أن لا أركز مع الناس عندما أمشي، أتحاشى النظر الى الوجوه كي لا أتوقف..أغني أو أتمتم أو أسافر داخل رأسي. لم ألتفت لم أجب لم أنتبه حتى ..كانت تنادي باسم غير اسمي، "سوار..سوار..سوار..سهام..'' حسنا لست معنية بالأمر لكنها كانت تنظر مباشرة الى وجهي و كأنها تناديني..عندها نادت مجددا.."سوار"
التفت اليها فاذا بها تلتقط أنفاسها قائلة '' أنت سوار..مم سهام..نسيت أسمك لكنني أعرفك جيدا..'' لا أعلم كيف كان لون وجهي حينها فأنا لا أنتبه الى الأسامي.. خلتني أعرفها لكنني نسيت اسمها..قلت لها..'' اسمي اسلام..مانيش سوار'' قالت "" اه..اسلام ، أجل أنت اسلام القرايّة'' كنا نراك في الكليةو كانوا ينعتونك باسلام القراية( حسنا ليس بالامر الذي أفخر به، اذ كثيرا ما تحاشيت أن يعرفني الناس..و لا أحب أن ينعتني أحدهم بصفة غبية كهذه..) لم أنطق بحرف..لم أجبها حتى و لم أسألها عن اسمها..لكنها استماتت في الكلام و الثرثرة و سألتني مجددا'' بالله عليك ، أنا فضولية جدا لأعرف ماذا أصبحت؟؟؟ ماذا أصبحت الان، اتمنى أن اعرف ماذا أصبحت و ماذا تفعلين بعد كل هذا ( بالطبع، ماذا أصبحت تلك القراية على حد تعبيرها بعد هذا العمر المهدور في الدراسة هههه)
لم أجد حلا للتنصل منها سوى الاجابة باقتضاب'' مازلت أدرس'' بدت جدّ مستغربة مندهشة و كأنها توقعت أن أكون الان رئيسة للوزراء مثلا ؟؟؟؟
قالت '' لماذا و كيف ذلك ؟؟ لم تجتازي أي مناظرة ؟؟ لم تنجحي فيها؟؟'' ..عندها وددت أن أهرب أو أن يأخذني أحدهم الى مكان ما بعيدا عن هذا السيل العارم من الأسئلة..قلت لها..'' لم أفعل..أرغب في التدريس مستقبلا'' هكذا أجبتها و الخيبة أو الاحباط أو مزيج من مشاعر لم أفسرها تخيم على وجهها.
لم تقل شيئا بعد ذلك، ابتسمت ابتسامة غريبة...تلوح منها ظلال التشفي..قطعت حبل الأسئلة و قلت لها.."بالسلامة'' و مضيت و أرجلي لا تقوى على حملي..
من أكثر الأشياء التي أمقتها أن يتدخل الاخرون في شؤوني..كيف للناس أن يستوقفوا احدا فقط بدافع الفضول لمعرفة ماذا يعمل الان و ماذا أصبح بعد أن كان شيئا و اصبح ربما شويئا أو أشياء..لا أعلم ما الهدف من هذا الحوار الغريب و ما الذي يستفيده الناس من الفضول هكذا بكل جرأة..الفضول قد يقتل القط، و لكنه بالتأكيد قد يقطع حبل الود بين الناس..موقف أثار حنقي و لم أعلم السبب من ذلك حتى..هل لأنني اجبتها؟ أم لانني توقفت من الأساس عندما ناداني أحدهم باسم سوار أو سهام أو علجية ؟؟ أم لأنها قالت لي '' أنت هي اسلام القرايّة'' هكذا بلا مقدمات؟؟ هل لأنني لم أتغير كهذه المياه الراكدة؟؟ أم لأن الانسان أصبح يقاس و يصنف هذه الأيام بما وصل اليه و باللقب الدراسي و المهني التشريفي الذي يسبق اسمه؟؟ من قبيل، أستاذ، ، دكتور، مهندس أو خبّاز؟؟؟ هل لأن الاخرين يصنفوننا بالنظر الى القابنا و انجازاتنا و ليس بما نحن عليه اذا ما جردنا من هذا اللقب التشريفي الاحمق؟؟
التوقعات و الأشياء التي ينتظر منك الاخرون فعلها في المستقبل هي أكثر القيود اللامرئية قسوة و ازعاجا في هذا المجتمع، قيود تجعلك في موقع مساءلة و محاسبة و لو بطريقة حضارية راقية، كتلك التي استوقفتني بها تلك الغريبة التي تعرفني أكثر من نفسي..عدا اسمي....المهم هو ماذا أصبحت الان و اليوم بعد أن كنت شخصا ما في الماضي..ماالذي كانت تتوقعه مثلا ؟ أن ألتحق بالقضاء أو بالمحاماة أو بالفرقة النحاسية للباي ؟؟؟
ما الذي يهم من كل ما كان سابقا اذا لم أكن من أصحاب الألقاب اليوم؟؟؟أه؟ هل سيغير ذلك شيئا في حياتهم؟ يعني ان علم الاخرون بظواهر حالنا و ماذا فعلنا و ماذا نأكل و نشرب و كم نتقاضى كأجر و هم االأبعدعنا قرابة دموية و قلبية و عائلية و مكانية، هل سيكافؤوننا مثلا ؟ سيعطونا وساما شرفيا؟ أم سيلصقون وجهنا على حائطهم ؟؟
على الأرجح لن نعني لهم شيئا و لن يتساءلوا يوما عن الأيام و السنوات القاتلة التي أفنيت عمرك لعيشها..ما شأن الاخرين بما نفعل ان لم يكونوا مهتمين من الأساس بنا، ان لم يكنوا لنا بعض العاطفة و المشاعر الدافئة؟ هل من واجبنا أن ننجز ما ينتظرونه منا؟ ثم ماذا بعد ذلك؟ ماذا ان لم أصبح شيئا يذكر؟ ماذا ان لم يسبق اسمي لقب لائق؟ فلنفترض مثلا اني قد اعتزلت الدراسة و الكتابة و المطالعة و قررت فجأة أن لا أبرح المنزل و أن أتعلم الطبخ و الكي و الغسيل و أن أتزوج من أوّل مغفل و أمضي حياتي كربة بيت مثالية؟؟ و أتلاشى بعد ذلك من سطح هذا الكوكب و يرتاح الجميع عندئذ؟؟
ما هو اللقب الذي سيناديني به الاخرون في غيابي ؟؟ تلك الساذجة ام ربة البيت الفاضلة حرم السيد الفاضل الموقر ؟؟؟ الكثيرات يعتبرن الاقتران برجل من أكثر الأشياء مدعاة للفخر و للتباهي امام المجتمع ..يختفي لقبها وراء لقبه و حياتها السابقة تدفن بين جدران بيتها الجديد..
مالذي يهم الاخرين اذا ما فعلت شيئا أو لم أفعله؟ اذا ما أصبحت راهبة أو راقصة فلامنكو؟ ما ذنبنا اذا ما حملنا الاخرون وزر انتظاراتهم؟
الحرية التي يدعّونها في الكتب و القوانين و التي يتغنى بها الفنانون و الشعراء و المتمردون في الشوارع..وهم هي الأخرى..لسنا أحرارا في اختيار طريقة عيشنا و عملنا و أصدقائنا و زملائنا و شركاء قلوبنا..لسنا أحرارا في هذا العالم اذا لم نصبح ''شيئا'' ، '' قالبا'' يدعو للفخر في عيون الاخرين..لسنا أحرارا مادمنا لا نساوي شيئا يشيد به الاخرون ما لم يجدوناا في الهيئة التي ينبغي لنا أن نتقمصها..نحن دمى ..مريونات..و الخيوط التي تحركنا لا ترى و لا تدرك..نحن سجناء بلا زنزانة لأننا نتبع المسار المسطور من العقل الجمعي و من العائلة و الرفقة و الراعي و الرعيّة..من الرجل الذي يخال نفسه طاووسا و لو كان دجاجة، و من المرأة التي تعتبر نفسها لؤلؤة و جسدا ضعيفا و تحتقر نفسها و تحاسب على كل ثانية تقضيها خارج أبراج المراقبة العائلية أو دون رخصة أبويّة و عائليّة و دراسية و زوجيّة مسبقة...
من الطفل الذي يدجن و يخاف و يبكي ليلا و لا يهرب من سياط '' افعل أو ستلقى عقابك..''، و يرتضي التضحية بأحلامه على أن يبرح ضربا أو يحرم من علبة سكاكر..
لا أدري كيف قادني هذا الموقف السخيف الى الحديث عن كل هذا..ربما لأنني في أعماق نفسي قد ذقت ذرعا من الذين يسطرون المسار و ينتظرون منّي تعبيد الطريق و صقل حجارة الأرصفة..ذقت ذرعا من كل هذا النفاق الذي يتخذ كل يوم هيأة أكثر براءة من سابقتها..مللت من المتطفلين على أحلامي الذين لا يلوون من معرفتي شيئا سوى الكلام و الثرثرة دون أن يتكبدوا عناء الشعور بهذا الطوفان الذي لا ينتهي..
كلام و كلام و أسئلة و ابتسامات صفراء..و اذا ما تجمد حاضرك كأطرافك التي تخط هذه الأحرف يختفي أغلبهم فجأة..فلا تجد من تبكي أمامه لأنك لم تعد تثق بأحد.. و لا تعلم الجهىة التي ستقصفك .و قد يأتونك ناصحين واعظين متغافلين عن الأسباب التي جعلتك هكذا..لم أعد قادرة على الاستماع الى محاضرات من النصائح المجمّرة ...
حاضري اليوم كهذه المياه ..لكنها على الأقل تكتفي بالاستماع في وقار، لم أصبح شيئا يذكر و لا أرغب في أن أذكر من أحد..فلا شأن للمتطفلين بي..
..من الأجدر أن أنهض الان قبل أن تطالني فضلات الطيور البحرية و تعمّد رأسي و جبيني لأنضمّ أنا الأخرى الى السرب .. لم تكن رفقتي لهم مسلية هذا اليوم..فلا بأس ان باركوا تذمري بما تيسّر ..من الهراء
..لا بأس..
اسلام
18/1/2018
أظهر الكل ..أن تكمل كتابة قصة تستقي أحداثها من الواقع مهما حاولت تزييفه أمر مزعج جدا و مؤرق. و ها قداختفى صاحب السحر الساخر و انتهت تلك القصة التي بدأت بكتابتها و لم أفلح .ما الذي يجدر بي فعله اذا ما ابتعدت الشخصيّة التي استوطنت أحرفي و نسجت الكثير من القصص مستلهمة أحداثا و تفاصيلا من حياتها؟ كيف لنا أن نخلق شخصيات من العدم؟ و كيف لمن يكلّ سريعا من وخز الابر و تمرّد الطقس أن يكتب نصّا سويّا في حبكة متقنة؟ كيف للعمل الابداعي أن يكتمل ان غابت الرغبة في الحياة و استحالت الرؤية في الضباب؟ اذا ما أمطرت الس ...
أن تكمل كتابة قصة تستقي أحداثها من الواقع مهما حاولت تزييفه أمر مزعج جدا و مؤرق. و ها قداختفى صاحب السحر الساخر و انتهت تلك القصة التي بدأت بكتابتها و لم أفلح .ما الذي يجدر بي فعله اذا ما ابتعدت الشخصيّة التي استوطنت أحرفي و نسجت الكثير من القصص مستلهمة أحداثا و تفاصيلا من حياتها؟ كيف لنا أن نخلق شخصيات من العدم؟ و كيف لمن يكلّ سريعا من وخز الابر و تمرّد الطقس أن يكتب نصّا سويّا في حبكة متقنة؟ كيف للعمل الابداعي أن يكتمل ان غابت الرغبة في الحياة و استحالت الرؤية في الضباب؟ اذا ما أمطرت السماء دمعا يمتزج مع الماء و ذهبت المحاولات لاحياء الأرواح المحتضرة هباء...كيف لك أن تتابع العيش و أناملك ترتجف اذا ما أمسكت بقلم أو ترنمت شفاهك بلحن حزين...الشخصيات التي نقابلها و تأسرنا و الأخرى التي تفر من أسرنا,,,الأسماء التي تعبث بذاكرتنا و الأرقام التي تخوننا,,كلها تسري في دمي و تتجلط لتحول بيني و بين التنفس و بين الكتابة...
أن تكتب حكاية أقرب الى التصديق و أكثرقربا للعالم الذي تعيش فيه محنة لا تحسد عليها. اختبار حرج، و موقف محرج و أشد عسرا من الاختبارات الكتابية و الشفاهية و من تذكر أرقام الفصول القانونية و حفظ تواريخ الأحكام و القرارات القضائية . ما العمل اذا لم تعد قادرا على تتبع خطى الشخصية الرئيسية في القصة؟ اذا ما اقتربت فجأة و اختفت أيضا كلمح البصر و ابتعدت عن مجال نظرك؟ لن تلومها و لن تلزمها بشيء بالتأكيد، فهي تجهل تماما أنّك قد جعلتها تحت المجهر و تفننت في تشريح جزيئاتها و تفحص ملامحها المتجهمة و قلبها المحكم الاخفاء
الشخصيات التي نحاول نحتها بالكلمات عصيّة الترويض، زئبقية الحركة لا تستقر على حال، و كثيرا ما تفرّ من الورقة الى العالم المحسوس و تستحيل عمليّة تعقبهّا مستحيلة لاحقا.
في بعض الأحيان، لا تكتفي بالكتابة عنها بل يصل بك الأمر الى حالة من الهوس المرضي بشخصياتك المزعومة المرسومة في خيالك. فلا تفارقك حتى في الحلم، تجدها بنفس الملامح التي صورتها و بتلك الشخصيّة التي قدّرتها لها. و تختلط الصورة المرسومة بالشخص الحقيقي الموجود في هذا العالم المحسوس.
أن تعيش في الوهم و تتقن حبكته على الورق أمر و أن يتحوّل هذا الوهم الى حقيقة أمر اخر. ما الفرق بين الشخصيات المكتوبة المختلقة في القصص و الشخصيات الحقيقية؟ اختلاف جوهري وحيد. أن الشخصيات التي تتخيلها تبقى حيّة متواجدة دائما كما هي، بالأحرى أنت من جعلت منها شخصيّة تستحق الذكر و التحليل و الاعجاب و الحنق أيضا. حتى و ان حاولت الفرار من بين أصابعك تمردّا و طلبا للتخلص من قدرها السردي، تبقى أسيرة للحبر و فلتات الزرّ المرتبكة. أما الشخصيات التي نقابلها في حياتنا فهي حرّة تماما، حرّة بأن تبقى على المسافة التي بينها و بين من يحاول التسلل خلسة الى حديقتها السريّة أو قراءة أفكارها المحجوبة بدقة . كما أنّها لا تخضع الى قوانين الجاذبية، و لا ينفع لمعرفتها قراءة مسارها الفلكي و البحث عن المدار الذي تتبعه و الكواكب التي تسيطر على مزاجها. كما لا ينفع علم معها لا علم النفس و لا مئات المحاضرات التي تعنى بتحليل الشخصيات أو التعوذ من ذكرها بقراءة ورد مقدس أو تلاوة المعوذتين لذلك فهي غريبة و ساحرة، ترحل و تختفي و تتغير و تقترب و تبتعد و في كل مرة تتلون و تتلاشى مع كلّ رحلة اختفاء و ظهور, تغير البعض من تقاسيم وجهها المألوفة لتضع وجها اخر و قلبا اخر و مزاجا أكثر حدّة, لذلك فهي أقرب الى الوهم منها الى الحقيقة لذلك تبقى بين الأحرف حبيسة تهرب و تعود كلما ضاقت ذرعامن الحريّة الزائفة...
اسلام
أظهر الكل ..الحياة يا صديقي،
أسخف من أن تعاش على أمل اللقيا
و ان تؤاخذنا على ما قصّرنا فيها قسرا
أن ننسج حكاياها رواية و حلما شائك السياج
قدرت لنا أن نحيا على بعد مئات الأميال
جردتنا من رداء الأماكن لتلفنا بوشاح الكلمة
سخرت من فوضى مشاعرنا و طقوسنا البيضاء
بعثرت أوراق حظنا و سلمتنا سهاما لنرمينا بيها
و لتبث الحيرة في تفاصيل فكرنا و شأننا و تشتتنا
الحياة يا صديقي نزوة لا تنتهي بمجرد الولادة..
و لا تجد م ...
الحياة يا صديقي،
أسخف من أن تعاش على أمل اللقيا
و ان تؤاخذنا على ما قصّرنا فيها قسرا
أن ننسج حكاياها رواية و حلما شائك السياج
قدرت لنا أن نحيا على بعد مئات الأميال
جردتنا من رداء الأماكن لتلفنا بوشاح الكلمة
سخرت من فوضى مشاعرنا و طقوسنا البيضاء
بعثرت أوراق حظنا و سلمتنا سهاما لنرمينا بيها
و لتبث الحيرة في تفاصيل فكرنا و شأننا و تشتتنا
الحياة يا صديقي نزوة لا تنتهي بمجرد الولادة..
و لا تجد مرفأ لرغباتها بمجرد الزهد فيها..
الحياة سور يلف الوجود الأزلي لأرواحنا..
فلا نغادرها الا بتحطيمها و لا نعرفها الا خارجها
الحياة أمان لا توقظها الأفراح و لا تئدها الخيبات
لا تسكرها مياه البحر و لا تخدرها دعوات الصبر
الحياة يا صديقي حلم عايشته حين صحوة
و غفوت حين أوشكت على تصديق صدقه
الحياة يا صديقي رجاء رجوت منه عيشا فأفناني
تعويذة رددتها شفاهي و تعوذت منها تسابيحي
ففقدت ملكة النطق وانفرطت ساهبة حبات المسبحة
جاهدت نفسي فما وجدت لا وصلا و لا صدا..
و لا انقلبت سوافل الأرض و سماواتها و لا لعنت
طواغيت الحكم و لا احترق سلاطين القوة
صرخت فأخرستني أفواه بغراء المذلة ترشح
و بخنوع عبدة التركات و الملاذات التافهة
فشددت لحافي و احكمت شدّ عقدة شالي
و لبست رداء الخفة و امتطيت صهوة فشلي
الحياة يا صديقي نذر خالد لن افي به لأحد
الحياة سراب لا يتبدد و سحب لا تنقشع
ذنب يسدد على أقساط متعسرة الدفع
الحياة لقاء لا يدرك و سفر متعرج الطرقات
المسافات أذرعها بين الوسادة و الحاشية الغائرة
و الأفعال أقررها بين برزخ السهد و تابوت الرغبة
الحياة يا صديقي نعمة لم أدركها الا بزوالها
كأنني من عالم الأطياف و الأرواح المعلقة أكتب
كمتعبد بوذي هائم في جبال نائية فقد عقله..
أو متصوف غادرت روحه اصطوانته الراقصة
الحياة رسالة أضخ فيها أنفاسي وهلوساتي الجامحة
لتلامس تلابيب روحك القاصية أقاصي الوقت..
و تتمثل لك الحيوات المرسومة في عقلي وجودا
يسافر اليك بين النقطة و الفاصلة و على حافة الحرف
فتستحيل سطوري حقيقة حقة في رحاب صمتك...
اسلام
07/12/2017
أظهر الكل ..لست بخير منذ دهر و اكتفيت من المماطلة,لن أدعي العكس و لا أنتظر باقراري هذا شفقة أو تعاطفا من أي شخص فأكثر الأشياء التي تغيظني في التعامل معهم هو شعورهم بالتعاطف أو الشفقة لأن ذلك لا يغير شيئا و لا يزيدني الا امتعاضا و حقدا على قلمي الذي لا يقدر على الكتمان رغم ابتهاج ملامحي و كلماتي الصبيانية.لست بخير و لا أعلم كيف السبيل الى خلع رداء القناعةو الفخر ليظهر الهيكل العظمي المخبا بين الحنايا و المختبئ بين مسامي المجعدة.
لست بخير و كأن العمر قد نفق و الأيام قد ...
لست بخير منذ دهر و اكتفيت من المماطلة,لن أدعي العكس و لا أنتظر باقراري هذا شفقة أو تعاطفا من أي شخص فأكثر الأشياء التي تغيظني في التعامل معهم هو شعورهم بالتعاطف أو الشفقة لأن ذلك لا يغير شيئا و لا يزيدني الا امتعاضا و حقدا على قلمي الذي لا يقدر على الكتمان رغم ابتهاج ملامحي و كلماتي الصبيانية.لست بخير و لا أعلم كيف السبيل الى خلع رداء القناعةو الفخر ليظهر الهيكل العظمي المخبا بين الحنايا و المختبئ بين مسامي المجعدة.
لست بخير و كأن العمر قد نفق و الأيام قد توالدت عصورا من نار و ثلج لا يتمازجان. لست بخير و لا أنتظر كلمة أو سطرا أو مواساة أو تساؤلا أو تعليقا من قبيل..تفاءلي..الغد أجمل..لا بأس هكذا هي الحياة..لست بخير و أحاول تقبل الأمور كما هي بسيرورتها المحتملة و بأبطالها العابرين..بنوبات الانفلونزا و بوحشة القلب و الطقس و بتهنئة البشرية في كل مناسبة يغتنمها الناس لأخذ عطلة من قدرهم.. لست بخير و لن أدعي خلاف ذلك مستقبلا اذا ما سئلت.لن أطنب في الوصف و التبرير و زرع الأمل في طريقي كحقيقة. أعترف بذلك، أصبحت سوداوية القلم مؤخرا و لا أفتخر بذلك..ربما هذا ما يجعلني أزدري توفقي في التعبير عما يخالجني..أكتب كلعنة و أقرؤ كعقاب..بل. كتسلية يتخذها سجين لجسد ىا يفارق الأرض..محتقن الأطراف..متجمد الأنامل..ميت يتنفس جملا مبهمة و يتذرع بالأقدار ليبرر حنقه..كنت أؤمن بكلمات زرعت في لاوعي من شدة ادماني على بعض الكتب الوردية.."في أعماقي جوع للحب، جئت لأكون للكل و بالكل"
في نهاية الأمر، اكتشفت أن الأمر خدعة يقولها الشعراء ليخففوا من قسوة هذا العالم لدى القراء..لست نبيا و لا اماما و لا قسا لأكون هكذا..مالجدوى من الحياة لأجل الآخرين؟؟؟ لا جدوى..الإجابة جلية جدا حتى تتعالى أصوات الممتعضين من واقعيتي..كي لا أصف الأمر بالتشاؤم.
الكل يفارق عند نقطة ما و لا يترك أثرا يذكر..أو يبقى من قبيل المجاملة أو العشرة أو القرابة الدموية...لست بخير و لن أكتب سطرا بعد اليوم حتى أتوصل الى إجابة شافية عن سؤال لن أطرحه..
سلام
1/12/2017
أظهر الكل ..كلما تقدم بي العمر خطوة كلما اكتشفت ان لا قيمة للزمن و لا للوقت..لذلك لم اعد ارتدي الساعات و فرطت فيها جميعا و لا اخطط مستقبلا لاقتناء ساعة و لو كان الامر بيدي لتخليت عن ساعة الهاتف لولا خوفي من ان اجعل الناس في انتظاري طويلا، على الاقل احاول ان احافظ على التزاماتي.عدا ذلك اتجاهل الزمن و دورانه..حتى ولادتي جاءت قبل اوانها بايام ..كان يوما سعيدا ربما في قلوبهم و كان يوم موتي عندما اكتشفت انني لم اعد روحا و عدت شيئا ملموسا زائلا يبكي و ياكل و يزعج من حوله باستمرار
لم اعد انظم يومي و لا ...
كلما تقدم بي العمر خطوة كلما اكتشفت ان لا قيمة للزمن و لا للوقت..لذلك لم اعد ارتدي الساعات و فرطت فيها جميعا و لا اخطط مستقبلا لاقتناء ساعة و لو كان الامر بيدي لتخليت عن ساعة الهاتف لولا خوفي من ان اجعل الناس في انتظاري طويلا، على الاقل احاول ان احافظ على التزاماتي.عدا ذلك اتجاهل الزمن و دورانه..حتى ولادتي جاءت قبل اوانها بايام ..كان يوما سعيدا ربما في قلوبهم و كان يوم موتي عندما اكتشفت انني لم اعد روحا و عدت شيئا ملموسا زائلا يبكي و ياكل و يزعج من حوله باستمرار
لم اعد انظم يومي و لا اسابيعي التي تنفرط مني على مهل..لم تعد الساعات تجري و لا الاسطر تحثني على التسريع في موتي ..اعيش حياتي في اعادة مملة لماضي الذي يأبى ان ..يفارقني الى الجحيم….
الماضي لا يفارقني مهما حاولت تجاهل الزمن و مواقيته الركيكة..الزمن حياة ..و حياتي اعادة بث ركيكة لقصص الاطفال المرعبة التي تم تغيير نهايتها في عالم ديزناي حتى لا .يفقد اطفال القرن العشرين الامل في قرن الحروب الكبرى و المجازر المرتكبة باسم الديمقراطية وانقاذ البشرية من الطواغيت و الاعراق الضارة ببشرة كوكب الارض الناعمة ..جدا
الزمن..تلك الكلمة التي يلفظها الجميع في تحسر و تمن و انطقها في تجنّ و دعاء صامت بان ينتهي سريعا..ان تمضي حياتي في لمح البصر او تختصر في فيلم سينمائي بدون فواصل اشهارية على الاقل لا كمسلسل طويل جدا حلقاته تحتسب بالايام و الاشهر و السنوات و العقود.. ترى كم عشت الى هذه اللحظة
تقريبا تسعة الاف و سبعمائة يوم ..مسلسل طويل جدا..تقاسمت مشاهدته مع اخرين كثر..المشاهدون بالعشرات او بالمئات في كل مرة بين زملائي في الحضانة فالمدرسة فالاعدادية..فالمعهد الثانوي فالكلية فبعض الجمعيات و الحضور الكريم في المناسبات و الافراح و المسرات ..و القليل من الاتراح التي اتفادى حضورها..
الساعة السابعة و النصف من مساء هذا اليوم الذي ابتلعت فيه تراب شارعنا و شوارع مدينتنا المهيّأة جدا لان تكون عاصمة البيئة العالمية في الالفية العشرين بعد المئة ان وجدت..
الدقيقة الاولى بعد انتصاف الساعة اكتب فيها سطرا لا اكثر ..و افكر في الذي يليه و لا اجد ما اكتب ..افكر باصابعي مباشرة دون ان تمر الافكار على شبكة الخلايا المنسوجة باحكام لا يمكن ان يضاهيه اختراع بشري الكتروني و لو بعد مليون سنة ضوئية ..سبحان الذي زرع فينا ما زرع و وهبنا من النعم ما لا نعلم بوجودها و نتحسر على اكثرها عند فقدانها..كالزمن الذي يحوم حولي كالغراب او كالضباع المنتظرة لدورها في نهش لحم الضبيان الخارجة عن القطيع…
انقضت دقائق دون ان اكتب شيئا، عبثا اتصفح واجهة الحاسوب هائمة في البيكسالات المشعة و النوافذ المفتوحة بلا سبب لمطالعة او بالاحرى للاطلاع على ما يجري في هذا العالم ..البائس.. احاول ان لا افكر فيما سافعله هذه الايام لكثرة التزاماتي التي اتمنى ان تصبح اناسا لانهال عليهم شتائما و صفعا..ثم اخّر باكية معتذرة منها لانّها السبب الوحيد الذي لاجله مازلت صامدة لا انهار و اعانقهم مطوّلا الى ان تنقطع انفاسهم و انفاسي … فلولا ما اغمس فيه نفسي من اشياء و تفاصيل لوضعت حدّا لزمني منذ زمن..
…اكوام الحزن تقنص روحي من أطرافها محوّلة خرائطها الى برك و مستنقعات و جزر قاحلة عائمة في محيط من اللاوجود..
كيف لي ان اتوارى وراء كل هذه الأحداث دون ان يعلم الخلق بوجودي ؟ كيف لي ان اختبئ وراء انشغالي لانسى دوران دواليب الزمن داخل جمجمتي المتاكلة ؟
في هذه الطفرة الغريبة من افلام الرعب و الاكشن و الكوميديا الساخرة التي تعجّ بها البلاد و رؤوس العباد المغلوبين على جيوبهم و افكار الارهابيين في الجبال و هذا البرد الذي ينزل مرضا و شكوى في قلوب المساكين و يزيد من ثقل وحدة الصامتين المنزعجين من معزوفات الريح و صرير الابواب..
في هذا الشتاء القديم جدا في قلبي المتربص خلف امواج الصيف الناعمة اشعر بان زمني قد بدأ ..و انّ حياتي انقلبت اخيرا عقبا على رأس؟ و ان كل هذه السنوات التي خلتها حياتي لم تكن حياة بل عشر موت ممزوج بثلاثة اثمان من الوهم و البقية الباقية بل الاكثر مما مضى منها كان صداعا نصفيا لا تنفع للخلاص منه الاقراص المنومة و السالبة لحرية الصمت و لا لحرية الموت…كان مجرّد اثم مرّ بلا استغفار و لا توبة .. و على الارجح هي ظنّ بانّها حياة الا انّها ليست سوى بضع هلوسات مقتطفة من كتاب كاتب مصاب بطفح جلدي و اعراض جانبية لمرض التفاؤل الذي لم يجد المتقمصون لادوار البؤساء له ترياقا..
في هذه اللحظات الغريبة جدا التي تتجمد فيها اناملي و لا اشعر بها اشعر بأنّ زمني قد انقضى في تسلسل عكسي سلسل..كفيلم شاهدته منذ سنوات و لن انتبه لتشابه اقداري مع بطله..حسنا..ليس التوقيت المناسب لاستعراض ثقافتي السينمائية المتواضعة جدا..ما اردت قوله حقا انه لا قيمة للزمن المنقضي و لا لحياتنا السابقة ان لم نعش من الاحداث ما يجعلنا نفكّر في الزمن كخيط رفيع متصلّب الاطراف ليّن الملمس ..لا ينقطع و لا يتمطط الا في رؤوسنا..لاننا لا نعلم قيمة اللحظة التي نعيشها الا متاخرا و نركض في كلّ خيبة وراء ..مانحلم به ظنّا منّا بأنّ الباقي من الزمن ..رؤيا..و انّ النور لا ينبعث من النافذة و انّما يمرّ من تحت الباب و من سمّ الكوارث و ثقوب الذاكرة...
النهاية .
اسلام
أظهر الكل ..