بعد سنوات من رحيلهما .. سيمون دو بوفوار وجان بول سارتر وجهاً لوجه
الكتاب خصص أول عشرين صفحة لنشر صور فوتوغرافية، تعبر عن تلك العلاقة الثنائية الفريدة في مختلف مراحلها.
ميدل ايست أونلاين
القاهرة ـ من أحمد رجب شلتوت
تفكيك اللغز
"ما أضيق عالمي الصغير، إذا ما قيس بعالم سارتر الغني". تلك الجملة الواردة في مذكرات سيمون دو بوفوار تبين صورة سارتر لديها، لكن آخرون لم يروا الصورة كذلك، فالناقدة وكاتبة السيرة الاسترالية ذات الأصول البريطانية هازل رولي تسأل متعجبة "كيف استطا ...
بعد سنوات من رحيلهما .. سيمون دو بوفوار وجان بول سارتر وجهاً لوجه
الكتاب خصص أول عشرين صفحة لنشر صور فوتوغرافية، تعبر عن تلك العلاقة الثنائية الفريدة في مختلف مراحلها.
ميدل ايست أونلاين
القاهرة ـ من أحمد رجب شلتوت
تفكيك اللغز
"ما أضيق عالمي الصغير، إذا ما قيس بعالم سارتر الغني". تلك الجملة الواردة في مذكرات سيمون دو بوفوار تبين صورة سارتر لديها، لكن آخرون لم يروا الصورة كذلك، فالناقدة وكاتبة السيرة الاسترالية ذات الأصول البريطانية هازل رولي تسأل متعجبة "كيف استطاعت سيمون دو بوفوار العيش مع ذلك الشخص ذي النظارات السميكة والصوت المعدني والبذلة الزرقاء المجعّدة، والمهووس بالسرطانات والمثليين جنسياً، في حين أنها تمتلك كل تلك الحيوية والذكاء والعذوبة؟ يا له من لغز."!
لذا تحاول تفكيك اللغز في كتابها الذى ترجمه محمد حنانا وصدر مؤخرا في 448 صفحة، عن دار المدى العراقية تحت عنوان: "سيمون دو بوفوار وجان بول سارتر: وجهاً لوجه – الحب والحياة”.
الكتاب خصص أول عشرين صفحة لنشر صور فوتوغرافية، تعبر عن تلك العلاقة الثنائية الفريدة في مختلف مراحلها، تركز مؤلفته على ما تسميه الإغفالات، أي ما تعمد طرفي العلاقة إغفاله في مذكراتهما وأحاديثهما المنشورة، عن الجوانب المخفية قصدا من تلك العلاقة يدور الكتاب، الذي لا تعده صاحبته كتاب سيرة بل "قصة علاقة" تقول عنها: "أردت أن أصوِّر هذين الشخصين عن قرب في لحظاتهما الحميمية، وسواء اعتقدنا أنها واحدة من أعظم قصص الحب في التاريخ أم لم نعتقد، فهي بالتأكيد قصة حب عظيمة. تماماً كما أراد سارتر وبوفوار لحياتهما أن تكون".
• سبر الأغوار
سارتر وسيمون نجحا في تحويل الحياة إلى سرد، وفقا لفكرتهما التي عبرا عنها بالقول : "إن الحياة المعيشة يمكن أن تماثل الحياة المسرودة، فلا أسرار، لكون الاحتفاظ بالأسرار كان بنظرهما أثراً من آثار نفاق البرجوازية"، وكانت مهمتهما كمفكرين هي سبر أغوار ما تحت السطح للوصول إلى الحقيقة، لذا اتفقا على أن ينشرا رسائلهما المتبادلة بعد رحيلهما، فلم يتلفا تلك الرسائل. وقد صرح سارتر ذات مرة : "لم يحدث أبدا أن تخلصت من الرسائل أو الوثائق المتعلقة بحياتي الخاصة، فأنا أميل إلى أن أكون شفافا، وأعتقد أن الشفافية يجب أن تكون بديلا للسرية"، وسيمون كانت تشاركه نفس القناعة، لذا تحدثا كثيرا عن رغبتهما في أن يكونا أكثر انفتاحا حول نوازعهما الجنسية، لكن منعهما من ذلك خشيتهما توريط الآخرين ممن كانوا شركاء في مثل هذه العلاقات.
وتشير الكاتبة إلى أنّ دوبوفوار السبعينية، غير سيمون الشابة المتمرّدة، ففي حديث أجرته معها الناشطة النسائية أليس تشايفزر، سألتها عمّا إذا كانت قد أغفلت أسراراً لم تكتبها في مذكراتها، فأجابت: "نعم، كنت أتمنى أن أكون أكثر صراحة وتوازنا في وصف ميولي الجنسية، أن أخبر النساء حول حياتي الجنسية، لكن لم أقدّر أهمية هذه المسألة حينذاك". أما عن الحياة الشخصية لسارتر، فكانت أكثر تعقيدا نظراً إلى مواقفه المتناقضة وشهوانيته التي كانت بلا حدود.
• الحرية
حينما نفكر في هذا الثنائي الاستثنائي فإننا نفكر في الحرية، فسارتر القائل "الإنسان محكوم بأن يكون حرا" التصقت فلسفته عن الحرية بالحياة ولم تكن أسيرة برج عاجي، وهما كمفكرين تحديا كل التقاليد الاجتماعية، أدركا أنهما يبتكران علاقتهما من خلال تعاونهما، واتخذا علنا عشاقا، وكان كل منهما صديق لعشيق الآخر، فقد اتفقا على مبدأ رئيس حكم علاقتهما وهو أن حبهما مطلق بينما حب الشخص الآخر ثانوي.
تقول هازل رولي "كان مستحيلا معرفة أي أمر أكثر ارضاء لهما، أهو رعشة التلصص عند سماع تفاصيل الحياة الجنسية لكل منهما، أم المتعة الحميمية التي يولدها سرد تلك التفاصيل".
وفي الكتاب تتبع هازل رولي أهم النقاط في المسار المشترك لهذا الثنائي المثير للاهتمام منذ الستينيات وإلى اليوم، منذ أن اختارا لنفسيهما شعار إحدى لافتات ثورة الطلبة في باريس (1968): ”فلنعش من دون وقت مستقطع″.
هكذا أقبلا على الحياة بشهيّة كاملة، وتحديا التقاليد الاجتماعية السائدة، وإن وصلا فيما بعد إلى فكرة مفادها أن "لا حريّة بلا مسؤولية"، ربما بتأثير الحرب العالمية الثانية وآثارها. هذا ما نجده فيما كانا يكتبانه في مجلتهما "الأزمنة الحديثة" التي تركت أثراً واضحاً في تطوير مسائل علم الأخلاق، بينما أسست سيمون دو بوفوار بكتابها "الجنس الثاني" النظرية النسوية الحديثة.
• منفيان في الوطن
استغرقت سيمون دوبوفوار ثلاثة عشر عاما، لتنتهي من روايتها الأولى "أتت لتبقى" التي بذرت أول بذور أسطورة الثنائي سارتر/ سيمون، وقد صدرت في عام 1943 نفس عام صدور "الوجود والعدم" الذي تم تجاهله وجر على سارتر مشاكل لا حصر لها فقد رآه المحافظون ملحدا فاسدا، كذلك رواية "أتت لتبقى" التي وصفتها صحافة زمن الحرب بالانحلال الأخلاقي، لدرجة أن سيمون شكت للمقربين منها من أن الناس ينظرون لها بإزدراء، بينما رآها البعض عملا شجاعا يقاوم الأيديولوجيا التي تتبناها حكومة فيشى، ورغم أن الرواية رشحت لجائزة الجونكور إلا أنها لم تفز بها، بل تم فصل سارتر وسيمون من عملهما بالتدريس.
وعموما وترى هازل رولي أن سيمون في الرواية الأولى لها تخلت نهائيا عن الآثار الأخيرة للقيم للبرجوازية، وقد سطع نجم سيمون كروائية بعد روايتها "المندرين" التي قدمت فيها رؤيتها لأوروبا بعد الحرب، وقد فازت عنها بجائزة الجونكور عام 1954، وبقيمة الجائزة اشترت ستوديو في شارع "شولشر" وهو شارع جانبى ضيق قريب من مونبارناس، وكتبت عنه "ليس هناك أحد في الجانب الآخر من الشارع سوى الأموات"، في ذلك الوقت كانت فرنسا قد هزمت وفقدت مستعمراتها في الهند الصينية، فزاد بطشها في الجزائر، بينما مجلة "الأزمنة الحديثة" تدعم الثورة الجزائرية، وهو الأمر الذي هاجمه اليمين الفرنسي، ولسبع سنوات تالية ارتكبت فيها فرنسا مجازر بشعة ضد الثورة الجزائرية وصف سارتر وسيمون بمعاداة الفرنسيين، وكانا ينكمشان وهما يمران بالشارع أو يتواجدان في مطعم يتواجد به كارهو العرب، فعاشا كمنفيين في وطنهما، لكن تصاعد نجم سارتر على المستوى العالمي ففاز بجائزة نوبل في الآداب لكنه رفضها، مبررًا رفضه بأنه "ينبغي على الكاتب أن يرفض ليتحول رفضه إلى عرف".
• وداعا سارتر
في كتابها "قدوم الشيخوخة" 1967، درست دوبوفوار الشيخوخة من الناحية البيولوجية والتاريخية، مستعينة بعشرات الزيارات لدور المسنين، مسجلة مذكراتهم حول شيخوختهم، وقد أجمع النقاد على أن كتاب دو بوفوار غني وواضح وأشبه برواية، أشاروا إلى أنها اصطدمت ثانية بالمحظور الاجتماعي، وكتب بعضهم أن سارتر يلقنها. في هذا الوقت أنهى سارتر كتابه الضخم عن فلوبير فيشعر بسعادة غامرة، بينما دوبوفوار يغزوها شعور غامض بالقلق مبعثه خشيتها من فقد سارتر، الذي أصيب بالعمى والهذيان وارتفاع السكر في الدم بسبب إفراطه في التدخين وشرب الكحول .
رحل سارتر قبل دو بوفوار بستّ سنوات، فلم يقرأ كتابها "وداعاً لسارتر" لتنتهى علاقة استمرت لنصف قرن جسدتها سيمون بقولها "كنت أُخادع حين اعتدت أن أقول بأننا كنّا شخصاً واحداً، فالانسجام بين شخصين لا يُمنح أبداً، ينبغي أن يُكتسب دائماً، على رغم العقبات".
أظهر الكل ..عن روحها التي تسربت خلسة
قصة قصيرة: أحمد رجب شلتوت
ترنو بقلق للمسجاة على فراشها بلا نفس.. تفزع لشحوبها المتزايد.
تغالب أمك أساها، تقول أن بياضًا ملائكيًا يكسو وجه الجدة.
تهرع لعينى الطبيب، لاتطمئن. يمارس عمله باعتياد بارد لكن ملامحه تنبئ عن
إدراكه لقرب الرحيل.
ترنو للأنبوب الموصول بذراعها، تطمئن نفسك باستمرار سريان السائل.
جسدها النحيل يتلقى المحاليل بنهم دال على رغبته في الحياة.
إذن ستشفى.
سوف تنهض.
ستعود صبية، وأعود أنا طفلًا ينام ...
عن روحها التي تسربت خلسة
قصة قصيرة: أحمد رجب شلتوت
ترنو بقلق للمسجاة على فراشها بلا نفس.. تفزع لشحوبها المتزايد.
تغالب أمك أساها، تقول أن بياضًا ملائكيًا يكسو وجه الجدة.
تهرع لعينى الطبيب، لاتطمئن. يمارس عمله باعتياد بارد لكن ملامحه تنبئ عن
إدراكه لقرب الرحيل.
ترنو للأنبوب الموصول بذراعها، تطمئن نفسك باستمرار سريان السائل.
جسدها النحيل يتلقى المحاليل بنهم دال على رغبته في الحياة.
إذن ستشفى.
سوف تنهض.
ستعود صبية، وأعود أنا طفلًا ينام في حجرها بعد أن يشبع من الحواديت.
أمك لا تحافظ على تماسكها. تبكى منهارة.
تطالبك بأن تلقن الجدة الشهادة، ذلك كل مانستطيع فعله لها.
تفعل وأنت موقن من أنها ستغالب وهنها وتغلب مرضها، وكعادتها ستقوم معافاة، تملأ الدار حياة.
ترقبها جالسة فوق الحصير في باحة الدار، تهش الطيور إن لامست حصيرتها، ترقبها وهى تلتقط الحب مقرقرة.
تبدو القرقرة وكأنها ترديد للحن يشجى الجدة فتغنى.
تلومها أمك، تؤنبها : هل تختمين الصلاة بعدودة؟
يبدو وكأن الجدة لم تسمع، تشرد محدقة في وجوه الراحلين التي لاتبدو لسواها.
تواصل ما تعتقده أنت غناء، يعجبك صوتها وأدائها المنغم وهى تؤدى ملحمتها الراثية لكل الذين ذهبوا.
****
شفتاها تتمتمان بوهن.
لعلها تغنى منادية من ترثيهم.
تحاول تذكر كلماتها، تبعد عنها ولما تعود ترى الطبيب وهو ينزع الكانيولا، الممرضة تبتعد بالحامل وقارورة المحاليل.
تدرك أن روحها تسربت خلسة، ترى أمك تسبل عيني أمها. تخرج من جيبها منديلًا أعدته لهذه اللحظة.
تفرده أسفل الذقن، تعقده عند مفرق الشعر.
تقول إن لم تفعل ذلك فقد ينفتح الفم ويظل فاغرًا إلى يوم القيامة.
تطمئن أمك إلى إحكام الرباط قبل أن تصرخ معلنة موت الجدة.
تشارك أمك احتضان الجدة وتبكى.
أظهر الكل ..حينما تجلد سياط الفقر ظهور رجال قليلي الحيلة، فإن خيالهم الكسيح ينوب عن أيديهم المغلولة في البحث عن حل، ولأنهم اعتادوا طأطأة الرؤوس فإنهم يتوسمون الحل آتيا من تحت أرجلهم، ويصطبرون بتناقل حكايات عن أناس فازوا ببعض المخبوء، أو عن كنوز معلومة لكن ما زالت تنتظر من يفوز بها.
نفر من بين هؤلاء يعملون بنظارة الأوقاف، يثرثرون حول خبييئة مطمورة أسفل بيت شيخ الطريقة العزمية (محمد ماضى أبوالعزايم)، يقولون إن الكنز ظهر لمريدي الشيخ حينما شقوا الأرض بالفؤوس لزرع "طرمبة" تجلب المياه لكن الشيخ الزاهد خ ...
حينما تجلد سياط الفقر ظهور رجال قليلي الحيلة، فإن خيالهم الكسيح ينوب عن أيديهم المغلولة في البحث عن حل، ولأنهم اعتادوا طأطأة الرؤوس فإنهم يتوسمون الحل آتيا من تحت أرجلهم، ويصطبرون بتناقل حكايات عن أناس فازوا ببعض المخبوء، أو عن كنوز معلومة لكن ما زالت تنتظر من يفوز بها.
نفر من بين هؤلاء يعملون بنظارة الأوقاف، يثرثرون حول خبييئة مطمورة أسفل بيت شيخ الطريقة العزمية (محمد ماضى أبوالعزايم)، يقولون إن الكنز ظهر لمريدي الشيخ حينما شقوا الأرض بالفؤوس لزرع "طرمبة" تجلب المياه لكن الشيخ الزاهد خشى على المريدين من غواية الذهب، فقذف في عيونهم رمالا رطبة، أغمضوا عيونهم وأزالوا الرمال وآثارها، ولما فتحوا أعينهم كان الذهب قد اختفى ولم يظهر ثانية، ثرثروا كما شاءوا، لكن فاتهم أن آذان الحيطان ستنقل الكلام كله إلى ناظر الأوقاف ومسئولي الأمن، وأيضا إلى "من يجلس على الكرسي الكبير"، فات هؤلاء أن الحاكم يشبههم في العجز، ويشاركهم الحلم بالكنز لفشله في معالجة أوضاع اقتصادية صعبة، أدت ندرة الموارد إلى تفاقمها.
• خبيئة العارف
عن هؤلاء وعن رحلة البحث عن الكنز تدور أحداث رواية "خبيئة العارف" (الدار المصرية اللبنانية) وهي وإن كانت عاشر روايات الكاتب عمار علي حسن، لكنها تمثل الحلقة الثالثة في مشروعه لإبداع واقعية سحرية عربية، وكما في سابقتيها "شجرة العابد" و"جبل الطير" يمتاح الروائي من نبعي التاريخ والموروث الشعبي فضلا عن وروده لغدير حكايات وكرامات المتصوفين، لكنه لا يقدم عملا تاريخيا، وكذلك ليست روايته عن سيرة الشيخ أبي العزائم، بل تنطلق من البحث عن كنزه لتقتفي أثره وتنهل من عرفانيته.
وفي ذات الوقت تسلط الضوء على واقع تعس تئن من سطوته الخلائق، وللتأكيد على ذلك ولنفي تاريخية الرواية أو سيريتها يؤكد الروائي على رمزية "الخبيئة"، ابتداء بالعنوان حيث الطباق الجامع بين متضادين هما طالخبيئة/ السر" و"العارف" كذلك يلجأ إلى الاستعارة من بناء المسرحية، فيقسم روايته إلى فصول ثلاثة، في الأول "خطى العراف" يمهد لرحلة البحث، ويظهر الثاني "أوراق العارف" عقدة الدراما/ الرحلة، وفي الثالث تسقط الأقنعة وتتكشف الحقائق بشأن الباحثين عن الخبيئة والطامعين فيها فيتجلى الحل بالسير في "طريق المعروف".
• خطى العرّاف
الجالس على الكرسي الكبير يأمر ناظر وقف البلد وموظفيه وأجهزة الأمن بالبحث عن الكنز، ولم يفته أن يستدعى ساحرا مغربىا ليفك طلاسم الخبيئة ويستعين بما يسخر من جان - هكذا تبين الرواية ملمحا ثانيا من ملامح الحاكم - أما ناظر الوقف فيكون أكثر فطنة، يلجأ إلى أستاذ جامعي يدعى الدكتور "خيري محفوظ" – لاحظ دلالة الإسم بشقيه – وهو باحث تاريخي مهتم بالمتصوفة وآثارهم، في البدء يشك في الأمر، لكن ما إن يعرف حقيقة مهمته حتى تثور مطامعه وطموحاته في تولي منصب كبير، فإن أفلح في مهمته وحقق حلم الجالس على الكرسي لن يبخل عليه بشيء.
وهنا تضيف الرواية ملمحا إضافيا تكتمل به صورة الحاكم، حينما حكى عنه ناظر الأوقاف "رأى في منامه، وهو الذي يصدق ما يحلم به ويجري خلفه فور استيقاظه، رجلا يرفل في جلباب أبيض واسع، ويمسك عصا بيمناه، ويرفع يسراه نحو السماء البعيدة. كان يمشي على مهل، ثم يقف في أماكن يختارها، ويضرب قدميه في الأرض فتنفلق، وتخرج منها شرائح سميكة وسبائك ومشغولات ذهبية. تقف في وجه الريح، ثم تتمايل لترقص فرحا بخروجها من سجن الأرض إلى العيون، التي تتابعها في لهفة، والأيدي التي تمتد إليها محاولة أن تقبض عليها".
• أوراق العارف
يبدأ خيرى محفوظ مهمته بمخاطبة الحاكم عبر رسالة خطية طويلة، تظهر من مدى نفاقه وانتهازيته، فهو يصف تكليفه بكتابة سيرة الشيخ "محمد ماضي أبوالعزائم" بالحكاية التي يريد من خلالها التسرية عن الحاكم، ثم يمتدح نفسه وطريقته في كتابة التاريخ، قبل أن يعرض ما يمكنه تقديمه من خدمات "وهي طريقة أتمنى أن تروق لكم، فتتاح لي فرصة تأليف كتب التاريخ لمختلف المراحل التعليمية، أو تأليف كتاب عن حياتكم، فنعمق حب الوطن وحبكم في قلوب الناشئة".
ولا تنتهي الرسالة قبل أن يبلغ التزلف مداه "وأنتهز هذه الفرصة الثمينة لأبلغ فخامتكم أنني من قرية بدلتا النيل، هي نفسها التي ينتمي إليها جدكم، قبل أن ترحل الأسرة الكريمة إلى القاهرة، ولا أقصد من هذا سوى أن أبين لكم أن هناك جذورا مشتركة بيننا، ربما تلهمني، عن بعد، بما تقصدونه بدقة من كتاب سيرة هذا الرجل الصوفي".
بعد الرسالة تبدأ المهمة، يرحل المؤرخ من القاهرة مقتفيا أثر الشيخ إلى محلة أبوعلي ثم مدينة البرلس ثم يرتحل جنوبا إلى إدفو حيث أول مدرسة عمل بها الشيخ وبعدها الإبراهيمية بالشرقية، فالمنيا، ومنها إلى أسوان فوادي حلفا وسواكن والسودان حيث قضى الشيخ أبوالعزائم سنوات منفاه الإجباري قبل أن يستقر أخيرا في القاهرة. عبر هذه الرحلة الشاقة تقربنا الرواية من الشيخ أبوالعزائم وأفكاره وأشعاره وآثاره وأيضا كراماته، فتكسب الرواية بعدا معرفيا فوق أبعادها الفنية.
• طريق المعروف
ينتهي المؤرخ من دراسته عن الشيخ أبوالعزائم، فيرفع تقريرا برحلته الطويلة إلى ناظر وقف البلد، لا يتضمن التقرير ما يرغبون فيه، فيكتب مسئولو أمن السلطة تقريرا مضادا يتهمون فيه المؤرخ بتضليل الجالس على الكرسي الكبير وتعمد إبعاده عن الكنز. هنا يفيق الرجل، فخيري محفوظ الذي رحل من مكان إلى مكان تقصيا لحكايات وأخبار تعينه في الوصول إلى الكنز، رأى أن كل شيء تغير، يلحظ "حُمَّى نبش المقابر، وحفر الأرض، بحثاً عن المخبوء في باطنها"، ينبش هو في داخله فيتغير، وتلك رحلته الأهم المطمورة تحت ركام الرحلة المكلف بها، يتخلص على أثرها من مطامعه، يكتشف أن كنزه في قلبه، فالشيخ صدق حينما نصحه وهو يشير إلى صدره "أحفر هنا"، والرحلة بمشاقها وبالمحنة التي أعقبتها لم تكن إلا ثمنا لوصوله إلى ذاته ليكون كما هو "خيري" و"محفوظ".
أظهر الكل ..أكثر ما يدعوا للتفكر أن تجد ذا أيدولوجيا قومية يزري على أصحاب الايدولوجيات الدينية أو العكس ... الايدولوجيا هنا يقصد بها ذلك الاطار النظري الذي يحكم كامل تفكيرنا ونظرنا للأمور ويجعلنا نوالي ونعادي على اساسها بدون أدنى نظر ... ليس الكلام حول من يحب بلده او قوميته او دينه ... ولكن الكلام حول من يكون مستعدا للدفاع عن كل اخطاء قادته القوميين او شيوخ مذهبه الديني رغم كل أخطائهم وتناقضاتهم ... وهنا يبرز الفرق بين المحب والمؤدلج ... الناصري سيعتبر كل ما قام به عبدالناصراو احد تلامذته جيدا ولو كان نت ...
أكثر ما يدعوا للتفكر أن تجد ذا أيدولوجيا قومية يزري على أصحاب الايدولوجيات الدينية أو العكس ... الايدولوجيا هنا يقصد بها ذلك الاطار النظري الذي يحكم كامل تفكيرنا ونظرنا للأمور ويجعلنا نوالي ونعادي على اساسها بدون أدنى نظر ... ليس الكلام حول من يحب بلده او قوميته او دينه ... ولكن الكلام حول من يكون مستعدا للدفاع عن كل اخطاء قادته القوميين او شيوخ مذهبه الديني رغم كل أخطائهم وتناقضاتهم ... وهنا يبرز الفرق بين المحب والمؤدلج ... الناصري سيعتبر كل ما قام به عبدالناصراو احد تلامذته جيدا ولو كان نتيجته كارثيه ومدمرة على الأمة العربية ... ولو أحبه صدقا لانتقده ... والاخواني سيعتبر كل ما قام به أعضاء الحركة جيد ولابد ان يكون منطلقا ومن صميم السياسة الشرعية المسددة بالوحي ولو كانت النتائج تناقض مبادئ الشريعة نفسها ... علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو العربي المحب للعرب وأكمل المسلمين اسلاما أن ننصرأخانا (القومي او الديني) ظالما أو مظلوما ... وعندنا سئل عن إعانة الظالم بين ان اعانته تكون بمنعه من الظلم ... لا أعتقد بوجود فهم أرقى من هذا التوجيه للتعامل مع الجميع ... المعيار هو رفع الظلم والخطأ لا مجرد الانسياق مع القطيع ... عندما نخرج من نمط التطبيل والتصفيق ستستقيم كثير من المفاهيم في أدمغتنا ... وبغير ذلك سنستمر في حروب التعصبات الى مالانهاية !!!!
ي.أ
أظهر الكل ..عندما كتب مارشل ماكلوهان،أول من آستعمل عبارة أن العالم أصبح قرية صغيرة، " الوسيلة هي الرسالة" "the medieum is the messageلم يخطر بباله أن هذا العالم سيصير في يوم من الأيام حظيرة صغيرة متحكم فيها من طرف راعي دائم الوجود لكنه غير مرأي !
فمقولة "الوسيلة هي الرسالة "،والتي يمكن أن نفهم منها أنه بالإضافة إلى سبر أغوار الرسالة يجب أن نركز جهدنا على فهم الوسيلة ومميزاتها التي لها أثر بارز على من يستعملها،خاصة إذا كان هذا الستعمل ينتمي "لعصر الرعاع أو الفوضى" ؛الكلمة التي سكها ماكلوهن بدهاء ا ... ·
عندما كتب مارشل ماكلوهان،أول من آستعمل عبارة أن العالم أصبح قرية صغيرة، " الوسيلة هي الرسالة" "the medieum is the messageلم يخطر بباله أن هذا العالم سيصير في يوم من الأيام حظيرة صغيرة متحكم فيها من طرف راعي دائم الوجود لكنه غير مرأي !
فمقولة "الوسيلة هي الرسالة "،والتي يمكن أن نفهم منها أنه بالإضافة إلى سبر أغوار الرسالة يجب أن نركز جهدنا على فهم الوسيلة ومميزاتها التي لها أثر بارز على من يستعملها،خاصة إذا كان هذا الستعمل ينتمي "لعصر الرعاع أو الفوضى" ؛الكلمة التي سكها ماكلوهن بدهاء الفلاسفة عن طريق شق كلمةmess-ageالرسالة إلى شطرين (/ mass-age /mess/age) بهذا المعنى لا يسعنا إلا أن نقول أن ما نشر من طرف القائمين على صفحة في الفيسبوك يدخل في إطار الفكر المعلب سلفا الذي من شأنه أن يتم إستهلاكه دون أدنى مبالاة بما نظر له نيتشه عندما قال بفكرة "قلب القيم" "trans-valuation of values"في نقد لاذع للمسيحية ومنظومتها الأخلاقية. قلب القيم ،ولو بطريقة معاكسة للطرح النتشوي، هو ماقام به فعلا أصحاب هذه الصفحة عندما قامو بنشر خبر أثار الكثير من الجدل خاصة في وسائل الإعلام المستقلة عن الأخطبوب الإعلامي العالمي الذي يحاول توجيه الرأي العام للحقيقة المزيفة التي تخدم مصالحه وتلبس القاتل عباءة الظلوم والمظلوم عباءة المجرم .
أول ملاحظة على ما نشر هو العدد المزعوم في كون أنه قد تم إنقاذ ١٤٠ من الأطفال والنساء الايزيديّين من طرف رجل أعمال يهودي!!
فهذا العدد مبالغ فيه إذا آفترضنا جدلا أنه تم إنقاذ !فكل الصحف لم تذكر هذا العدد بما في ذلك صحيفة لوفيغارو ملفا كاملا "للخبر".
ثانيا إعتماد المسؤلين على الصفحة خطاب إنسانوي أجوف لا يمثل إلا رواية صحف صهيونية لا يهمها إلا تزيين صورة شريحة معينة من البشر وشيطنة شريحة أخرى.
ثالثا يجب العلم أن هذا الخبر لم تبث صحته.فقد سبق لزعيم الايزيديّين الروحي بابا شيخ اسماعيل أن عبر عن شكه إزاء ادعاءات ستيف مامان وطالبه بتقديم حجج ملموسة كما كتبت الجريدة الكندية الناطقة بالفرنسية"lapresse.ca".
رابعا ثم التأكيد وبشكل مثير للسخرية والضحك في آن على معتقد "المخلِص" و"المخلَص" يضرب في العمق الفكرة التي من أجلها وضعت الصورة.فكل قارئ متبصر للصورة والخطاب التي تفرزه سيجد نفسه أمام ثلاثة أطراف : المخلص الإنساني الطيب الذي جاء في المقام الأول.المضطهد المسكين الذي آسترعى آهتمام هذا المخلِص الذي يفيض إنسانية وكرما دفعاه لإنقاذ وإرجاعه لحظيرة الإنسان الذي الكريم والمبجل.أما الطرف الثالت فهو المجرم القاتل والعديم الإنسانية.طبعا هذا الطرف الأخير مجرم وقاتل واوجب على كل من له أدنى ذرة إنسانية في قلبه أن يحاربه ويحارب الأفكار التي من الممكن أن تؤدي إلى ظهوره شريطة أن نعرف "من أين جاء"؟؟!
وبعد كل هذا ماذا يمكننا أن نستشف من مثل هكذا منشورات؟
أول شئ أثار حفيظتي هو إعتماد من وضع الصورة ووجه قرائتها هو آعتماد خطاب إنسانوي أجوف لا ميزان له عند أي مفكر حصيف ومنصف .هذا الخطاب الإنسانوي الذي سار مثل خنجر يمتشقه العديد من صغار العقول لإنتقاد كل شئ بما في ذلك القائق الكبرى ، متخدين شرذمة من "المكتئبين والسدج والفاشلين" (كما وصفهم الصحفي الأوروبي الذي آخترق التنظيم الدموي متخدا إسم سعيد رمزي) كمثال لتبلور ذهنية تمثل الآخر الأقل إنسانية ولذلك وجب سحقه! مثل هؤلاء الذين يروجو هذا الخطاب الإنسانوي الرخيص لا قدرة ولا جرأة لهم على آستيعاب ما كتبه فرانز فانون في كتابه "المعذبون في الأرض" :"يجب أن يُدشنوا تاريخًا جديدًا للإنسان الذي يأخذ بعين الاعتبار ... جرائم ]أوروبها[ب والجرائم الأبشع التي قد ارتكبت في قلب الإنسان بحد ذاته."
وإذا أردنا أن نستمر في تفكيك خطاب الإنسانوية الممجوج الذي آعتمد في الصورة فالشواهد والإقتباسات كثيرة.حسبنا أن نذكر في هذا المقام ما كتبه إدوارد سعيد، المفكر العربي الفذ الذي لم يمنعه لا توجهه اليساري ولا مسيحيته من الجهر بالحقيقة وقض مضجع الغرب. فبالإضافة لكتاب ا"لإستشرق" الذي يعتبر نصا أساسيا في كشف رعونة الفكر الغربي الذي قدم نفسه كفكر أكثر إنسانية من الآخر الشرقي ،كتب إدوارد سعيد في آخر مقال له . كنهه أن تكون نا قدًا للإنسانويَّة باسم الإنسانويَّة ...ومتعلما من تجاوزاتها عن طريق تجربة المركزيَّة الأوروبية والإمبراطوريَّة فبإمكان المرء أن يصوغ ضربًا آخر من الإنسانوية." أما فانون فقد وجه نداء عميقا لكل من يتبجح بالإنسانية أن تكون له الجرأة في "صناعة بداية جديدة ، ووضع طريقة جديدة للتفكير ،والعمل على خلق إنسان جديد." وفي إنتظار تحقق هذا الحلم البعيد المنال في زمن الفيسبوك، نتساءل متى سينشر أصحاب صفحة فكر حر صورة و مقتطفات من مقال جون جوني "أربع ساعات في شاتيلا" ،خاصة بعد مرور ثلاثون سنة على وفاة هذا الكاتب الإنساني العظيم؟
)توفي جون جوني )Jean Genet)سنة 1986 في باريس و أوصى أن يدفن في العرائش، وألا يوضع فوق قبره صليب.) أظهر الكل ..
".. من بين أكثر خرافات قصص كليلة و دمنة قرفا ، هو أن للغابة ملكا وكل ما تسلسل بعدها من تراتبية القوى والسلطات والوظيفيات #الحيوانية ، فلنصحح الخرافة .. هبْ أنك ذاك الأسد وأتاك حديثي هذا على صينيتك الذهبية المملة المعتادة ، إن قرأت الكلام كله ولم تفهم منه شيئا فاعلم إذن أن الغابة ملكة .. أما أنت فلست سوى واحد من البدلاء الذين يزأرون زوالا ولا يمسون إلا على فراش استحقارهم أنفسهم" .
تنتهي الأشياء حين تبدأ ، جملة إيجاز جمع ملاحم الحيا ...
".. من بين أكثر خرافات قصص كليلة و دمنة قرفا ، هو أن للغابة ملكا وكل ما تسلسل بعدها من تراتبية القوى والسلطات والوظيفيات #الحيوانية ، فلنصحح الخرافة .. هبْ أنك ذاك الأسد وأتاك حديثي هذا على صينيتك الذهبية المملة المعتادة ، إن قرأت الكلام كله ولم تفهم منه شيئا فاعلم إذن أن الغابة ملكة .. أما أنت فلست سوى واحد من البدلاء الذين يزأرون زوالا ولا يمسون إلا على فراش استحقارهم أنفسهم" .
تنتهي الأشياء حين تبدأ ، جملة إيجاز جمع ملاحم الحياة حتى بالحديث عن تلك القصص التي لا تشجعنا عتباتها على إتمام العِبر منها ..وليست من الفلسفة في شيء ، بلى قد لا نكون مجبرين على تبرئة الفلسفة مجددا وكأنها مجذوم تسقط عليه تهمة إخافة الصبيان بعد الغروب ، بلى ربما نكون قد وجدنا أخيرا أثرا لا يُشاب على تواطئ ملمس جلدة الفلسفة تحت محرمة الواقع .. كتاب وثنيتنا السحيقة .
لا شيءَ من شيءٍ براء ، ولا تنفصل النهايات عن الطفقات إلا بمقدار وهلات سكراتنا قِدَحا قدحاَ ظنّا آثما بملكيتنا لحظاتنا وعقدة الحل والربط ، غير أن الحقيقة على الحقيقة تشهد لا كَرها ولا غصبا بأننا أضأل من أن ننجو من عين سم إبرة العدالة الكونية ، هو قانون الوجود المقدس المعتق الذي لم تكفي طهارة أيادينا يوما لجعله سطرا على دساتيرنا العفنة ،ولا ندرك إلا ونحن على محاريب الإعتراف أننا لم نكن نفعل شيئا سوى تقرير نهايات أحداثنا بنفس لحظة اتخاذنا قرارات البدايات .
حديثنا دليل أدبي مجازي على حقيقة لعبة الجاذبية والزمن أيضا .. أجل ، طبيعتنا زلِقة كألعاب الكبار التي يعلم عنها الراشدون (بحسابات تقويم الرزنامة) ، بأننا إذ نلعبها نفوت على أنفسنا حين غفلة أُنس الزحلقة ولا نقوم إلا ونحن ساقطون.
أظهر الكل ..عِندما يبدأ اليأس بإسدال ستائره فَوقَ أسقُف العقل و القلب ، تبرُز قيمة أولئكَ الذينَ يُشعرونَك بأنّك على قَدرٍ عظيم من الأهميّة .
أنّ أحلامَك التافهة محور يستحق الدعمَ و التحفيز ، أن كينونتَك التي تظُن بها الإعتياديّة هي بالأصل استثناء عظيم لحياة الكثيرين .
النظرة المليئة بالدعم ، الكَلِمه التي تُشعِرَك بالإنجاز ، اليد الدافئة التي تعبُر بكَ من ربوة القنوط لساحة الأمل !
الحياة أبدًا لم تستمِد أهميتها من كونها فترة مؤقتة قبل حزم الكفَن و الهجرة الخالده للسماء ،
< ...
عِندما يبدأ اليأس بإسدال ستائره فَوقَ أسقُف العقل و القلب ، تبرُز قيمة أولئكَ الذينَ يُشعرونَك بأنّك على قَدرٍ عظيم من الأهميّة .
أنّ أحلامَك التافهة محور يستحق الدعمَ و التحفيز ، أن كينونتَك التي تظُن بها الإعتياديّة هي بالأصل استثناء عظيم لحياة الكثيرين .
النظرة المليئة بالدعم ، الكَلِمه التي تُشعِرَك بالإنجاز ، اليد الدافئة التي تعبُر بكَ من ربوة القنوط لساحة الأمل !
الحياة أبدًا لم تستمِد أهميتها من كونها فترة مؤقتة قبل حزم الكفَن و الهجرة الخالده للسماء ،
إنما هي تفاصيل دقيقة و أشخاص نرى في عيونهم أنّنا على قيد الأهمية ، لسنا على قيد الحياة فقط
أظهر الكل ..غدا ستشكر تلك اللحظة التي اودت بعلاقتكم للنهاية
ستمتن كثيرا للانفجار الذي عصف بهشيم كنت تتمسك به وحدك
غدا ستعرف ان الموقف الذي اعتبرته اسوأ ما حدث لك
كان هو نفسه ما انقذ الباقي من عمرك من قبضة حكاية لا تشبهك
Marwa.yazeed
هل فكرة يوماً بحوار يدور بين أعمى و أبكم ؟
حسناً .. سأخذ دور الأعمى و أنت الأبكم ... لترى ما سأكتبه ._^
كيف ستقنعني يأن هناك فرق بين الجمال و القبح ؟
انا أحكم بما أسمع فقط و أنت ترى ولا تتكلم ..
لا أظنها أشياء مادية و الأشكال هي من تعبر عنها...
أنا أحب كل شيء حتى يثبت الشيء عكس ذلك ..
أنت تحتاج لضوء لترى في الظلام ؟
أنا لا أحتاج هذا ! هل أنا أفضل منك ؟
أنت تفكر الأن ؟ كيف تقنعني بأنك الأن تفكر ؟
أنا لا أراك إذا أنت لست موجود ؟
إذ ...
هل فكرة يوماً بحوار يدور بين أعمى و أبكم ؟
حسناً .. سأخذ دور الأعمى و أنت الأبكم ... لترى ما سأكتبه ._^
كيف ستقنعني يأن هناك فرق بين الجمال و القبح ؟
انا أحكم بما أسمع فقط و أنت ترى ولا تتكلم ..
لا أظنها أشياء مادية و الأشكال هي من تعبر عنها...
أنا أحب كل شيء حتى يثبت الشيء عكس ذلك ..
أنت تحتاج لضوء لترى في الظلام ؟
أنا لا أحتاج هذا ! هل أنا أفضل منك ؟
أنت تفكر الأن ؟ كيف تقنعني بأنك الأن تفكر ؟
أنا لا أراك إذا أنت لست موجود ؟
إذا نحنُ نكمل بعض ؟
لماذا عندما نتفق يبدأ الإخلاف أما أن الإختلاف بدا أولاً ؟
قيل لي أني أسود..أنا لا أعرف لونك وان كذبت علي لن يغير هذا شيء من وجودك ؟
لا أعرف الحقيقة من الكذب بل أتحرى منها .. هل تفعل ذلك مثلي ؟
هل أصبحت نقطة ضعفك هي النظر ؟
أنا لا أسمعك .. هل تتقن لغة الإشارة وتود التواصل معي !
اذا علمك لا فائدة منه... أنت ترى كل شيء وعاجز الأن أمامي ..
ألم تفكر من قبل في مواجهة هذا الموقف .. حتى وإن كنت تستطع الكلام كيف ستجيبني؟ أظنك لن تكون أفضل من الأبكم ...
حسنا الأسئلة امامك أجب يا من ترى الحياة بألوانها ؟
هل تفكر بأن العمى أفضل من البُكم ؟ حتى أنا أفكر في العكس !
أتمنى أن أرى العالم و لا يهم ما سأقوله ..
وأنت تتمنى أن تتكلم .. لكن ماذا ستقول ... أنت لم تشاهد شيء ..
احتفظ ببكمك فكرتك غير جيدة .. وانا سأحتفظ .. بماذا سأحتفظ ؟
وماذا أملك ؟ وانت ماذا فقدت ؟
هل ذهبت ... ربما كنت أتحدث مع نفسي طول هذه المدة !
إن كنت تسمعني فإذا أنا موجود ! لأنني أرى نفسي موجود اذا سمعني أحد فقط ..
لنترك مسألة ألوان الحياة فهي مختلفة ولنتعلم أشياء تفيدنا جميعا لرسم حياة أفضب
خُذ رأيتي للحياة و أنا سأراك إذا فعلت ... حتى وإن لم تنطق بحرف ..
لنجسد أفكارنا على أرض الواقع ... الواقع الذي لا أراه و أنت تراه ...
لكن سأحس به إن فعلنا ذلك معا ...
العمى هو ظلام الذي بداخلنا .. البُكم هو العجز الذي يكبلنا ..
أنت ترى ؟ تتكلم ؟ ارني انظر اليك
أظهر الكل ..الأدب و صناعة التغيير
لا شكَّ أنّ العلوم تجعلنا ننمو ماديّاً، لكنَّ الآدابَ و الفنون، فَيَزيدان من كميّة الإنسان بداخلنا، يُورِد (عليّ عزّت بيجوفيتش) في كتابه(الإسلام بين الشرق و الغرب) جُملَةً جامعةً مانعة(إنّ شجرةَ اللّيمون الّتي يراها الشاعِر، ليست شجرةَ اللّيمون الّتي يدرسها العالم)، لهذا يقدّر و يقرّب رجالات الدّولة الكبار منهم كبار المبدعين، و يهتمّون بالثقافة أيّما اهتمام، فمكتبة الكونغرس هي أكبر مكتبة في التاريخ، كما أنّه لا يوجد أحد يُشَكِك في الصّداقة الّتي كانت تربط بين ( ...
الأدب و صناعة التغيير
لا شكَّ أنّ العلوم تجعلنا ننمو ماديّاً، لكنَّ الآدابَ و الفنون، فَيَزيدان من كميّة الإنسان بداخلنا، يُورِد (عليّ عزّت بيجوفيتش) في كتابه(الإسلام بين الشرق و الغرب) جُملَةً جامعةً مانعة(إنّ شجرةَ اللّيمون الّتي يراها الشاعِر، ليست شجرةَ اللّيمون الّتي يدرسها العالم)، لهذا يقدّر و يقرّب رجالات الدّولة الكبار منهم كبار المبدعين، و يهتمّون بالثقافة أيّما اهتمام، فمكتبة الكونغرس هي أكبر مكتبة في التاريخ، كما أنّه لا يوجد أحد يُشَكِك في الصّداقة الّتي كانت تربط بين (شارل دوجول) و (أندريه مالرو)، بل و تقديره الكبير ل(سارتر) الفيلسوف و الأديب الكبير، على الرّغم من الإختلاف الحادّ الّذي كان قائماً بينهما على مستوى الرّؤى السياسيّة، كما أنّ حبل الودّ المتين الّذي كان يربط بين (فرانسوا ميتيران)و (ماركيز) لا يخفى على كلِّ مهتمٍّ بسيرة (غابرييل غارسيا ماركيز) و لهذا أيضاً،عندما ضحُلَت ثقافة الأثينيّين و فَسَدَ ذَوقُهُم، كَتَبَ (آرسطوفانيس) رائعته(ملهاة الضفادع) عام 405 قبل الميلاد، و لِحُسنِ الحظّ أنّها نالَت إعجاب الأثينيّين، و اِعتبروها أروع ما جادت به قريحة شعراء الملهاة اليونانيّة القديمة و المتوسّطة و الحديثة. تتحدّث المسرحيّة عن رحلة يقوم بها (ديونيسيوس) راعي المسرح و إِلَاهُ الخمر، إلى عالم الأموات، لِيُحضِرَ أحدَ الشعراء الكبار، لِيُصلِحَ مِن ذوق و ثقافة الأثينيّين، الّتي كان يراها قد انحطَّت، فتحدُث مناظرة بين (أسخيليوس و ييربيدس)، ليكون الغالب منهم هو مَنْ يعود إلى الحياة. يعُدُّ (آرسطوفانيس) في مسرحيّته(ملهاة الضفادع) (سوفوكليس) أَشعَرَ مِن (يِيربيدس)، أمّا(أسخيليوس) فهُوَ من وجهةِ نظره القمّة الّتي لا تعلوها قمّة(سلاماً أَسخيليوس، اِذهَب و انقذ مدينتنا بِنَصائِحِكَ السّدِيدَة، عَلِّم الأغبياء فما أكثرهم). الأمر الّذي ليس غريباً على الإطلاق، هو أنّ أثينا سقطَت بين أيدي الإسبرطيّين، بعد سنةٍ مِن كتابة هذه المسرحيّة، و هذا دليلٌ واضح أنّ الدّول و الحضارات، تسقط عندما تفقد الثقافة و يتدهور حسّها الثقافي، فينعكس ذلك على شكل تطاحن سياسي رهيب كما هو مُقَرَّرٌ في المسرحيّة.
مِن جملة الأسئلة الّتي مَلََّت تكرارها الألسن و سماعها الآذان، سؤال(لماذا نحن متخلّفون؟) الإجابة على هذا السؤال، لا تحيط بها فقرة أو فقرتان في مقالٍ طال أو قَصُر، و إنّما بحاجة إلى عقد مؤتمر، إن لم تكن مؤتمرات، لكن بما أنّني أكتب في الأدب و الفنّ، فلا بأس بإلقاء نظرةٍ خاطفة من هذه الزّاوية الّتي أكتب فيها. هل نال القاصّ الكبير المُغَيَّب(سعيد الكفراوي) عُشر ما يستحقّ من تبجيل خاصّةً بعد أن قال الدكتور(جابر عصفور) جملته الجائرة(الزّمن زمن رواية) رغم ما قاله عالم الجمال الرّوسي(ميخائيل باختين) أكبر منظّر للنّوع الرّوائي في القرن العشرين(إنّ الرّواية هي النّوع الّذي يرفض الإكتمال و يُصِرّ على التطوّر)؟ كان يُمكنني تَقَبُّل مثل هذه الجملة لو صدَرت عن نَكِرَةٍ من النّكرات، الّذين لا يربطهم سببٌ و لا نسب بصنعَة الأدب، أمّا و قد صدرت عن مثل هذا العَلَم و عن مثل قامة و قيمة كالدكتور(جابر عصفور)، فإنّ الموقف يدعو إلي النّحيب، و إلى تلطيخ الوجوه بالزّفت و الهباب، أين نضع هؤلاء يا دكتور جابر(جي دوموباسان، و آلان بو، تشيخوف، بورخيس،وووو يوسف إدريس الملك المتوّج على عرش القصّة القصيرة في عالمنا العربيّ، كما وصفه شيخ النقّاد الحاليّين، صلاح فضل)، أين أنت من(خوان رامون خيمينيث) و(نيرودا)، الشاعرة البولنديّة الرّائعة(فيسوافا شيمبورسكا(نوبل للآداب1996)؟ ولأَدَع الأستاذ(سعيد الكفراوي) يردّ(رَحِمَ الله أستاذي(شكري عيّاد) عندما قال رأياً في هذا الشأن(زمن الرّواية؟ كنّا نتحدّث قبل قليل عن زمن الشِّعر، فهل يتغيّر الزّمن هكذا بسرعة أم نحن نتحدّث عن زمن مصاحب؟ ما أَلْيَق هذا التعبير الأخير بحالتنا). هل نال الدكتور الرّوائي(أفنان القاسم) الّذي خلعَ عليه النّاقد المتميّز(الدكتور غالي شكري) وَصْف(الرّوائي المجدّد، صاحب اللّغة الشعريّة المكثَّفَة) من التقدير ما يُكافِئُ موهبته؟ الحسرة ذاتها تنسحب على أستاذي (عبد الجواد السيّد) المحاضر المحترف، و الماهر في كتابة المقال، الّذي يَبُزُّ في هذين الفنّين أسماء كبيرة في دنيا الأدب، لها صالونات أدبيّة و محاضرات شهريّة ثلاثة أرباعها لَتّ و عَجْن و استطرادات خارج الموضوع المُعلَن عنه. إنّ عدم صعود نَجم هؤلاء الأساتذة، و غيرهم من المتميّزين، يؤكّد جملة الأستاذ (جميل راتب) في فيلم(البداية)(هي الدنيا إيه غِير طاولة قمار).
إنّ الأدب هو تصريح إثبات وجود، يقول الشاعر و الرّوائي الفلسطينيّ(إبراهيم نصر الله)(الكتابة بالنّسبة لي، و بالنّسبة للكتّاب الفلسطينيّين فعل وجود، و ليست فقط تعبيراً عمّا بداخلنا،لأنّنا حين نكتب نقول نحن هنا). كما أنّ الأدب سلاح مقاومة(سجِّل أنا عَرَبِيّ)، و هو أيضاً مُوَلِّدٌ للأسئلة، الّتي تفتح آفاقاً أمام العقل، و تُطلِقُهُ من أَسْر الثّابت و الجاهز، كيف لا و هو وطنُ الخيال الّذي ينمو بداخله جَنينُ واقعٍ جديد، فلا زلتُ أذكر جيّداً صوت أبي الرّخيم، و هو يقرأ عليّ رواية(الوغد)(ميخائيل شولوخوف) التي صنعت الرَّجُل الّذي أنا عليه الآن، محاولاً أن يغرس بداخلي حُبَّ الأدب، فهنيئاً له ظفَرُهُ بمطلَبِه، لكنّه لم يكُن يعلم أنّه كان يغرس بداخلي عِشقَ الأحمَر أيضاً(ثُمَّ ظَهَرَ البلاشفة و رئيسُهُم، رئيسُهُم هذا اسمُهُ(لِينِين)، تراهُ فتقول إنّه مثل غيره، و لكنّ عقلَه عقلُ عالِم، مع أنّه من جماعتنا منَ الفلّاحين. قال لنا االبلاشفة كلاماً اِندَهَشنا لهُ و أُعجِبنَا بِه! ماذا قالوا يا أبي؟ قالوا ما لَكُم يا فلّاحون؟ ما لَكُم يا عُمّال تهشّونَ الذّباب؟ هُشُّوا الأسيادَ و الرّؤساء، اُكنُسوهُم مثل القُمَامة! كلُّ شيءٍ لكم. قالوا لنا هذا الكلام!).
ألا يَشعُر ولاةُ الأمور بالعار و قد رصدوا جوائز ماديّة تافهة ليمنحوها للأدباء؟ ثمّ كيف يسمحون لقوى الظّلام أن تطارد المبدعين، وأن تلاحقهم قضائيّاًً بحجّة أنّه ينبغي للأدب أن يكون مُلتَزِماً؟ أَلَم يعلموا أنّ الإلتزامَ كُفرٌ في دِينِ الأدب. إذا كان الوضع بهذا السّوء فكيف يُمكِن خَلْق ما أسماها (خوان رامون خيمينيث)(القِلَّة الفاعلة) أو ما يسمّيها الفرنسيّون(المادّة الرّماديّة)؟ ثمّ يَعِدون المغفّلين من أبناء الشعب بتحقيق التطوّر و التنمية، فيكونون بفعلهم هذا كالبغيّ الّتي تُحَاضِرُ في الشَّرَف.
أظهر الكل ..